صناعة النفط الصخري الأمريكي تعاني لكنها لم تمت
أشار التحليل الأسبوعي الصادر عن شركة آسيا للاستثمار، أن أسعار النفط المنخفضة تؤثر بشكل سلبي على صناعة الطاقة الأمريكية. إذ انعكست البيئة الحالية سلباً على قدرة هذه الصناعة على توليد الإيرادات.
وأوضح التحليل الصادر، اليوم الاثنين، أنه على الرغم من تقليص نفقات مهمة مثل المصروفات الرأسمالية وتوزيعات الأرباح، إلا أن التدفقات النقدية للمجموعة التي تتعقبها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية والتي تضم 46 شركة نفطية مهمة قد انكمشت بنحو 33% على الأساس السنوي بسبب تراجع الدخل.
وأشار البيان أن المنتجين كانوا قادرين على الصمود أمام تراجع الأسعار في 2015 بفضل مستويات التحوط العالية (وهي سياسة احترازية تحمي الدول من تقلبات الأسعار وذلك بتحديد أسعارها مسبقاً). مع ذلك، تراجع التحوط من نسبة 60% من الإنتاج في 2015 إلى 10% في 2016، بحسب شركة آي إتش إس المختصة بأبحاث الطاقة.
وعدا عن أن التوقعات السلبية تؤثّر هي الأخرى على التكاليف المالية وقدرة هذه البلدان على الاقتراض، كما أنّ العوائد على سندات شركات الطاقة قد زادت مما يعكس ارتفاع المخاطر المتوقعة في الصناعة، لا سيما الشركات الصغيرة والهشة المصنفة بشكل عام بأنها “ذات عوائد عالية”.
وعلاوة على ذلك، انخفضت قدرة الدول على ضمان تمويل جديد بشكل ملحوظ، بسبب هبوط قيمة الاحتياطيات النفطية التي تُستَخدَم غالباً كضمان. على سبيل المثال، ذكرت إدارة معلومات الطاقة أن قيمة أصول الشركات ذاتها التي تتعقبها قد انخفضت بنحو 38 مليار دولار في الربع الثالث من 2015.
ويرى التقرير أن منظومة الصناعة النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي تختلف كلياً عنها في الولايات المتحدة الأمريكية. ففي حين أن الإنتاج الأمريكي تابع لشركات خاصة ويخضع لعوامل ديناميكية في السوق، إلاّ أن الحكومات الخليجية تهيمن على صناعتها النفطية.
وبالتالي فإن انخفاض تكاليف الإنتاج كما في السعودية والكويت حيث يبلغ أقل من 10 دولارات للبرميل مقارنة مع حوالي 40 دولاراً في الولايات المتحدة الأمريكية، يفسر المرونة التي تتمتع بها صناعة النفط الخليجية.
وعلى الرغم من ذلك فإن دول المنطقة تعاني هي الأخرى من تأثيرات تراجع أسعار الطاقة. إذ أعلنت على سبيل المثال شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) عن تقليص مصاريف التشغيل والنفقات الرأسمالية بمعدل 25%.
لكن النتيجة الرئيسية لصدمة أسعار النفط تتمثل بانخفاض الإيرادات الحكومية المرتبطة بالنفط، الأمر الذي سبّب عجزاً كبيراً. ويتوقع من جانبه صندوق النقد الدولي أن تشهد الموازنة العامة نمواً سلبياً بنسبة 13% و12% من الناتج المحلي الإجمالي لدول التعاون في عامي 2015 و2016 على التوالي، بينما سيكون العجز الأكبر في المملكة العربية السعودية بنسبة 22% و19%.
وتساهم من ناحيتها منظمة أوبك بتراجع أسعار النفط لأدنى مستوياتها من خلال إنتاج كميات عالية قياسية. وعلى المصدرين في نهاية المطاف أن يخفضوا الإنتاج من أجل رفع الأسعار وإعادة موازنة ميزانياتهم العامة.
إلى هنا يرى تقرير شركة آسيا للاستثمار أن الدافع الرئيسي لنمو الإنتاج النفطي في السنوات الخمس الأخيرة يعود إلى منظمة أوبك ودول أمريكا الشمالية. فقبل منتصف 2014، ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة الناتج العالمي، بينما حافظت أوبك على الأسعار بتخفيض الإنتاج.
إلا أن المنظمة بعد ذلك، انتهجت استراتيجية مغايرة من سياسة الحفاظ على ارتفاع الأسعار إلى سياسة الحفاظ على الحصة السوقية بإغراق المنافسة مالياً، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبدأت المنظمة بضخ مستويات قياسية عالية، مما خلق فائضاً كبيراً في الإمدادات يقدّر بما بين 1.5 مليون برميل إلى مليوني برميل يومياً. ومن المعروف جيداً قدرة منظمة أوبك على إغلاق وفرة الإمدادات، لا سيما وأن إنتاجها يبلغ 37 مليون برميل يومياً بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. مع ذلك، لم تنتهِ استراتيجية أوبك حتى الآن.
فبالرغم من تلقي صناعة النفط الصخري الأمريكية ضربة مالية، إلا أن الإنتاج ظل مرتفعاً رغم التراجع المتواضع الذي طرأ عليه (400 ألف برميل يومياً مقارنة بأعلى مستوياته التي وصل إليها في أبريل)، في مناطق إنتاج رئيسية.
وتشير اتجاهات الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية ودخول إيران إلى اشتداد المنافسة في السوق النفطي العالمي، مما سيدفع أوبك على الأقل في الوقت الحالي إلى الحفاظ على استراتيجيتها الراهنة طالما كانت قادرة على تحمل الضرر بنفسها