النفط يتأثر بضعف الاقتصاد العالمي
سجل سعر النفط أدنى مستوياته في سنتين، متأثراً بالأوضاع الاقتصادية العالمية، واستمر بالانخفاض تدريجاً منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي حين بلغ سعر نفط برنت 115 دولاراً، ليصل اليوم إلى 95 دولاراً، ويُتداول بمستوى 100 دولار وأقل منذ شهر مقارنة بمستويات بلغت 110 دولارارت لمدة نصف عقد بعد الأزمة المالية.
وأشار الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد، إلى أن «سعر برنت انخفض إلى 100 دولار لبضعة أيام فقط بين عامي 2012 و2013، بينما يعكس الانخفاض الحالي في الأسعار تعديلاً للخلل في التوازن في أسواق النفط بدلاً من انخفاض في الأخطار الجيوسياسية».
وأضاف: «مقارنة بمطلع السنة، ارتفع عرض النفط في شكل كبير، ما دفع أسعار النفط الخام إلى الانخفاض، كما أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أكدت أن العرض العالمي للنفط الخام والوقود بلغ أعلى مستوياته عند 92.6 مليون برميل يومياً في آب (أغسطس) الماضي، إذ كانت الدول المنتجة، في شكل مستقر، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً الكويت والإمارات، المساهم الرئيس في زيادة العرض». ولفت إلى أن «الكويت زادت إنتاجها من 2.8 مليون برميل يومياً مطلع السنة، إلى 2.9 مليون خلال الشهر الجاري، وأعلنت أنها قد ترفعه إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً الشهر المقبل. كما زادت الإمارات إنتاجها من 2.7 إلى 2.9 مليون برميل يومياً، في حين خفضته السعودية خلال الشهر الجاري خمسة في المئة، وهي أعلى نسبة خفض في سنتين، بهدف دعم الأسعار».
وأضاف عقاد: « يظهر عامل تبايني في هذه الفترة، أن المنتجين غير المستقرين في أفريقيا والشرق الأوسط سجلوا ارتفاعاً ملحوظاً في إنتاجهم، مثل نيجيريا وأنغولا اللتين كانتا وراء 60 في المئة من الارتفاع في حجم الإنتاج النفطي الشهر الماضي، وأيضاً مثل العراق وليبيا اللذين على رغم الأحداث السياسية لديهما، شهدا زيادة في إنتاجهما، في حين يُستبعد أن تخفّض السعودية إنتاجها أكثر من مستواه الحالي بسبب الاستهلاك العالي في المملكة».
ولفت إلى «ارتفاع المخزون النفطي في الولايات المتحدة، ويُستبعد أن يرتفع الإنتاج في شكل مستقر من المنتجين في أفريقيا أو الشرق الأوسط بسبب عدم الاستقرار السياسي في هذه الدول، كما حدث في ليبيا، حيث توقف الإنتاج من أكبر حقل نفطي خلال الشهر الجاري بسبب تصاعد الأحداث السياسية، ولكن في حال استمرت المستويات العالية للإنتاج العالمي، قد تتفق دول أوبك على خفض الإنتاج، كما فعلت عام 2008».
وأشار إلى أن «اقتصاداً عالمياً أقوى سيدفع أسعار النفط إلى الارتفاع، ولكن الطلب العالمي لا يزال متدنياً، إذ تباطأت هذه السنة كبرى الاقتصادات بعد الولايات المتحدة، أي منطقة اليورو والصين واليابان، كما أن الولايات المتحدة لم تستورد نفطاً بالحجم الذي كانت تستورده، وذلك نتيجة ارتفاع الإنتاج المحلي».
واستبعد عقاد «انتعاش النمو العالمي هذه السنة، ما سيؤثر أيضاً في أسعار النفط، إضافة إلى أن وكالات طاقة أصدرت الشهر الماضي توقعاتها بعدم انتعاش الطلب العالمي على النفط، في حين تزيد قوة الدولار من تباطؤ الطلب على النفط لأنها تجعل المنتجات النفطية أكثر كلفةً على الدول المستوردة». وكانت «أوبك» أعلنت نيتها خفض الإنتاج لأن العرض يتجاوز الطلب، ولكن أي انخفاض من هذا النوع قد لا يكون كافياً لتعود أسعار النفط إلى مستوياتها السابقة. ويبقى الدافع الأساس لزيادة أسعار النفط تلاشي الأزمة في الشرق الأوسط. وخلاف ذلك، يُرجّح بقاء الأسعار عند مستوى 100 دولار أو أقل بسبب تدني الطلب العالمي وغياب التنسيق بين أعضاء «أوبك».
ومن ناحية أخرى ارتفعت أسعار العقود الآجلة للنفط الأمريكي يوم الاثنين وقد لاقت دعما من بيانات اقتصادية أمريكية قوية الأسبوع الماضي بينما انتعش خام برنت بعد ان اقترب من أقل مستوى له في عامين.
ومع اقتراب موسم صيانة المصافي في الولايات المتحدة يقول محللون إن أسعار الخام الأمريكي المعروف باسم متوسط غرب تكساس قد تتعرض لضغوط. وقفزت أسعار البنزين نحو ستة في المائة في الأسبوعين الماضيين بسبب عمليات إغلاق بسبب صيانة المصافي ودعم صعود البنزين أسعار الخام.
وزاد سعر العقود الآجلة لخام برنت لتسليم نوفمبر تشرين الثاني عند التسوية 20 سنتا إلى 97.20 دولار للبرميل.
وارتفع سعر عقود النفط الخام الأمريكي عند التسوية 1.03 دولار إلى 94.57 دولار للبرميل بعد أن قفز أكثر من دولار يوم الجمعة.
وضاق الفارق بين سعري الخام الأمريكي وبرنت إلى أقل مستوى له في 12 شهرا إذ هوى إلى 2.57 دولار في البرميل قبل أن يرتفع إلى 2.63 دولار.
ومن العوامل التي كانت داعمة لأسعار النفط تراجع الانتاج في ليبيا. وقال متحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا يوم الأحد إن إنتاج البلاد من الخام تراجع إلى 900 ألف برميل يوميا بسبب إضراب في حقل جالو النفطي.
ومازال الإنتاج تسعة أمثال مستوياته قبل أشهر حينما أصيب قطاع النفط بالشلل جراء إضرابات في أنحاء البلاد.
واوائل التعاملات يوم الاثنين سجل سعر الدولار أعلى مستوى له في أربعة أعوام مقابل سلة العملات الأمر الذي كان عامل ضغط على النفط إذ أنه يجعل السلع الأولية المقومة بالدولار أعلى تكلفة على المشترين حائزي العملات الأخرى