الاخبار الاقتصادية

غرامات التسليم تظهر الخلافات المؤجلة بين المشترين والمطورين في أبوظبي

3277802

 

اشتكى مشترو وحدات سكنية في أبوظبي من تشدد شركات تطوير عقاري في فرض غرامات مالية عليهم عند تأخرهم في سداد الدفعة الأخيرة المقررة عن استلام الوحدات الجاهزة، رغم تأخر هذه الشركات في إنجاز المشاريع التي تم الإعلان عنها قبل عدة سنوات.

وقال مستثمرون لـ “الاتحاد” إنه رغم تحمل كثير من المشترين لخسائر مالية نتيجة تأخر بعض المطورين في تسليم المشاريع لأكثر من 3 أعوام، ورغم وجود بنود بالعقود تنص على رد أموال العملاء عند تأخر التسليم، فإن معظم الشركات لم تلتزم بذلك، بل يتم المبالغة في فرض غرامات على العملاء الذين لا يستطيعون سداد الدفعة الأخيرة قبل الاستلام.

وأكد مسؤولون بشركات التطوير العقاري أن أغلب المشاريع التي تم تأخير إنجازها، تمت إعادة جدولة أسعارها وتأجيل سداد الدفعات لحين الاستلام، وبالتالي فإن تهرب بعض العملاء من السداد وقت التسليم ليس له مبرر، مطالبين بضرورة مراعاة ظروف شركات التطوير التي تضررت من تباطؤ الأعمال بعد الأزمة المالية العالمية.

وطالب خبراء بضرورة إنشاء جهة مسؤولة عن تنظيم السوق العقاري بالعاصمة لحل الخلافات بين أطراف السوق العقاري، مشيرين إلى عدم رغبة كثير من العملاء في اللجوء للقضاء تجنبا للوقت والجهد والتكاليف.

وقالت نادية محمود، مستثمرة، إنها تعاقدت على شراء فيلا في أحد المشاريع العقارية بأبوظبي منذ عام 2008، بسعر 1,7 مليون درهم، وسددت نحو 350 ألف درهم من قيمتها، ولكن بعد الأزمة المالية العالمية، قررت الشركة إعادة هيكلة المشروع واستبدال الوحدة المتعاقد عليها بفيلا أقل من حيث المساحة، ومن ثم خفض السعر إلى نحو 700 ألف درهم.

وأضافت أنها فوجئت قبل عدة أشهر بتواصل شركة التطوير معها لإخبارها بإنجاز المشروع، ومن ثم مطالبتها بسداد الدفعة المتبقية والبالغة 350 ألف درهم لاستلام الوحدة، موضحة أنه في ظل عدم قدرتها على سداد المبلع المستحق، قررت الشركة فرض غرامة تأخير شهرية عليها.

وأكدت أنه رغم تأخر الشركة في تسليم المشروع لأكثر من 4 سنوات، حيث كان من المقرر إنجازه عام 2010، فإن الشركة لم تلتزم بتعويض المشترين عن هذا التأخير، بل تشددت في فرض الغرامات على المشترين.

وأوضح أحمد هارون، مستثمر، أنه قرر شراء استوديو في أحد مشاريع التملك الحر، التي تم الإعلان عنها وقت الطفرة العقارية، وذلك بسعر 470 ألف درهم، حيث تم سداد نحو 200 ألف درهم، قبل أن تتعثر الشركة في التنفيذ وتتوقف أعمال البناء بعد عدة أشهر من بدء الأعمال الإنشائية.

وأضاف هارون أنه خلال هذه الفترة رفضت الشركة رد الأموال التي تم تسديدها وإلغاء العقد، قبل أن يفاجأ منذ نحو شهر بمطالبته بالحضور لمقر الشركة لسداد الدفعة المتبقية والتي تبلغ قيمتها نحو 270 ألف درهم لاستلام الاستوديو، وإلا سيتم فرض غرامة تأخير عند عدم استلامه للعقار.

وأوضح أنه أضطر لعرض الاستوديو للبيع بسعر 530 ألف درهم، رغم مرور نحو 7 سنوات على الشراء، إلا أنه فوجئ بتواصل بعض الوسطاء معه لعرض شراء الاستوديو بذات سعر الشراء والبالغ 470 ألف درهم، موضحا أن هؤلاء الوسطاء قاموا بتحذيره من غرامة التأخير.

وأكدت فتحية البكري، أنها اضطرت لعرض شقتها السكنية للبيع بسعر 710 آلاف درهم، رغم شرائها بسعر 700 ألف درهم قبل نحو 6 سنوات، وهو ما يعني تحملها لخسائر مالية نتيجة انخفاض قيمة استثمار أموالها خلال هذه السنوات، مشيرة إلى تعنت شركة التطوير في فرض غرامات تأخير عليها نتيجة عدم قدرتها على سداد الدفعة الأخيرة.

وأشارت البكري إلى أن الشركة لم تهتم بتوفير فرص تمويل للمشترين، لمساعدتهم في السداد، مطالبة بضرورة تعاقد الشركات مع بنوك ومؤسسات تمويلية لمساعدة العملاء.

جدية السداد

بدوره، قال طلال الذيابي المدير التنفيذي للأصول بشركة الدار العقارية، إن الشركة لا تتشدد في فرض غرامات تأخير على العملاء المتأخرين في سداد الدفعات، طالما كانت لديهم النية والجدية في السداد.

وأوضح أن الشركة تستقبل كثيرا من العملاء الذين يطلبون تسهيلات في السداد، حيث يتم دراستها واتخاذ القرار بناء على ظروف كل عميل.

وأكد الذيابي أن العملاء الذين يتأخرون عن السداد لمدة قليلة أو يبدون أسبابا جوهرية تحول دون قدرتهم عن السداد لا يتم فرض غرامات تأخير عليهم.

وعن شكاوى بعض العملاء من زيادة الغرامات المفروضة عليهم نتيجة تأخرهم في استلام الوحدات السكنية بمشروع «الغدير» السكني، الذي تولت تطويره شركة الدار، ضمن المنطقة الاستثمارية لسيح سديرة، أكد الذيابي أن مشروع الغدير شهد عملية إعادة هيكلة ناجحة، حيث تم خفض قيمة الوحدات بالمشروع، مع وضع تسهيلات عديدة في السداد، وبالتالي فلا يوجد مبرر لأي من المشترين لرفض الاستلام.

وأضاف أن عملية إعادة الهيكلة للمشروع كانت في مصلحة المشترين قبل مصلحة الشركة، وجاءت في إطار تقدير الشركة لظروف السوق بعد الأزمة المالية العالمية، موضحا أن معظم العملاء أكدوا ترحيبهم بخطة إعادة الهيكلة.

وأضاف أن الشركة عندما تتواصل مع عميل لمدة 6 أو 7 أشهر، لمطالبته باستلام الوحدة، وفي ذات الوقت يرفض العميل الاستلام، مرجعا ذلك إلى رغبته في دراسة الأسعار وتحركات السوق، فإن الشركة تضطر لفرض غرامة تأخير، لاسيما أن هناك مساهمين في الشركة يتساءلون عن الأرباح وعن معدلات الإنجاز والتسليم.

وأكد الذيابي أن الشركة لا تتجه لفرض غرامات تأخير إلا بعد مرور 3 إلى 6 أشهر على رفض الاستلام، وذلك بناء على ظروف كل عميل ومدى جديته في السداد، موضحا أن الشركة لا تتردد في تقديم التسهيلات للعملاء الجادين في السداد.

وفيما يتعلق بقيمة غرامات التأخير، أوضح الذيابي أن قيمة الغرامة، تحدد غالبا في العقود، بنسبة طفيفة من قيمة الوحدة، وبالتالي فإن الشركة لا تقوم بفرض غرامات بصورة مباشرة على العملاء، ولكن يتم تطبيق بنود العقود التي تنص على ذلك، والتي قام العميل بالتوقيع عليها عند الشراء، مؤكدا أن «العقد شريعة المتعاقدين».

يذكر أن مشروع الغدير ككل يوفر نحو 6 آلاف وحدة سكنية، حيث أنهت الشركة حاليا تطوير المرحلة الأولى والتي تضم 2130 وحدة، فيما سيتم تطوير المراحل المتبقية وفقا لحجم الطلب بالسوق، وبناء على دراسة وافية لأوضاع القطاع العقاري خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أن الشركة أنهت قبل فترة عملية إعادة هيكلة المشروع، والتي تضمنت تخفيض أسعار الوحدات المباعة بأثر رجعي، إضافة إلى تأجيل سداد الدفعات حتى الإنجاز، حيث لم يتم تحصيل أي دفعات خلال فترة البناء، فيما التزم المشترون بسداد كامل القيمة المتبقية عند الاستلام، بجانب إدخال تعديلات على تصاميم الوحدات.

وأكد الذيابي أن عملية إعادة الهيكلة أسهمت في زيادة ثقة العملاء بالمشروع، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في الطلب، سواء من المواطنين أو الوافدين.

حلول غير تقليدية

قال ماريان حنا استشاري المبيعات بشركة بروفايل العقارية إن الشركة باشرت تسليم جميع الوحدات السكنية ببرجي «مارينا هايتس» المملوكين للشركة ضمن مشروع «مارينا سكوير» بجزيرة الريم، فور استلامهما من شركة «طموح» المطور الرئيسي للمشروع.

وأوضحت أن أغلب الشركات العقارية لم تتجه لفرض غرامات على العملاء الذين تأخروا في سداد دفعة الاستلام، تقديرا لظروف السوق العقاري، فضلا عن البحث عن حلول غير تقليدية مع العملاء المتعثرين في السداد.

وقالت «على سبيل المثال فإنه في حالة تأخر عميل عن سداد دفعة استلام بقيمة 100 ألف درهم، فإنه قد يتم اللجوء إلى تأجير الوحدة للعميل، مع تحصيل قيمة الدفعة المستحقة من قيمة الإيجار».

ويضم مشروع «المارينا هايتس» أكثر من 700 شقة سكنية لسوق أبوظبي، حيث يضم برجين سكنيين هما «هايتس1» ويتكون من 40 طابقا، يحتوي كل طابق على 6 شقق، بإجمالي 240 شقة في البرج، إضافة إلى 3 طوابق بنظام «البنت هاوس»، فيما يتكون برج «هايتس2» من 40 طابقا، يضم كل طابق 12 شقة، بإجمالي 480 شقة بالبرج.

وتولت شركة «طموح العقارية» تطوير مشروع «مارينا سكوير» والذي يضيف 3446 وحدة سكنية، بتكلفة بلغت 6 مليارات درهم، حيث تولت «طموح» تسليم 13 برجاً سكنياً لعدد من شركات التطوير التي تتولي بدورها تسليم الوحدات للمشترين.

وباعت «طموح» جميع الأبراج بمشروع «لمارينا سكوير» لعدد من شركات التطوير منها «بروفايل» و«رأس الخيمة العقارية» و«الدار» و«الإمارات الخضراء».

تنظيم السوق

قال عتيبة بن سعيد العتيبة رئيس مجلس إدارة مشاريع العتيبة، إن توالي تسليم عدد كبير من المشاريع العقارية والتي تم الإعلان عن تنفيذها وقت الطفرة العقارية، أدى إلى ظهور بعض المشاكل المؤجلة على السطح، لاسيما فيما يتعلق بالمشاريع التي تم تعديل مخططاتها، فضلاً عن المشروعات التي تم تأخر إنجازها.

وأكد العتيبة ضرورة إنشاء مؤسسة للتنظيم العقاري في أبوظبي تتولى حل الخلافات بين أطراف السوق العقارية، وتضمن حقوق الجميع، بدلا من توزيع الاختصاصات العقارية بين أكثر من جهة في أبوظبي مثل البلدية ودائرة التنمية الاقتصادية ومجلس أبوظبي للتخطيط العمراني.

وشدد العتيبة على ضرورة تخصيص محكمة عقارية في أبوظبي تسهم في حل المشاكل بين المشترين وشركات التطوير العقاري بطريقة سريعة وسهلة، في ظل الأعباء التي يتحملها كثير من العملاء عند التوجه لرفع دعاوى قضائية عند احتدام الخلافات مع شركات التطوير العقاري.

وأشار العتيبة إلى أهمية إلزام شركات التطوير العقاري بفتح حسابات الثقة للمشاريع الجاري تطويرها، موضحا أن ذلك يحمي حقوق العملاء، وفي نفس الوقت فإن هذه الإجراءات لا تضر المطورين الجادين.

وأكد ضرورة العمل على توحيد النظم العقارية بين مختلف إمارات الدولة، والاستفادة من التجارب المتميزة لمؤسسات التنظيم العقاري التي تم تأسيسها منذ سنوات بعدد من إمارات الدولة.

وأوضح العتيبة أن توالي تسليم المشاريع العقارية في أبوظبي خلال الفترة الحالية يزيد من أهمية إنشاء جهة مسؤولة عن تنظيم السوق العقاري بالعاصمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى