الاخبار الاقتصادية

اقتصاديون: فقاعة ثقة تواجه البنوك المركزية في العالم

3248663

 

تتسم أسواق المال في الوقت الراهن بالضعف، كما أن أسعار الأصول ارتفعت الى مستويات محفوفة بالمخاطر، والمستثمرون الحذرون يندفعون للاقدام على مخاطر أكبر، اضافة الى أن الآثار الجانبية لاجراءات البنوك المركزية التي اتخذتها منذ انهيار مصرف ليمان براذرز في أواخر 2008 كانت كبيرة، وبالتالي لا عجب أن يدور نقاش كبير حول «الفقاعات» هذه الأيام.بحسب جريدة القبس

تواجه البنوك المركزية التي أنقذت العالم من كارثة تحديات مختلفة حاليا، اذ عليها أن تعيد الاقتصادات المتقدمة الى مسارات النمو المستقر والمستدام. لكن هل يمكنها القيام بذلك من دون التسبب بحدوث اضطرابات جديدة في الأسواق المالية؟ وماذا لو خرجت الاقتصادات من عقالها وانفجرت الفقاعات؟ وماذا لو كانت هناك «فقاعة» في الثقة في البنوك المركزية؟

حذر محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة آلاينز، مؤخرا قائلا «كوفئت الأسواق المالية باستمرار لايمانها بأن البنوك المركزية هي أفضل صديق لها. لكن في مرحلة ما يجب التحقق من صحة هذه المكافآت التي حظيت بها وفقا للأساسيات».

خلال السنوات الست الماضية، كان الرهان على «البنوك المركزية»، والاعتقاد بأن البنوك المركزية ستسارع الى انقاذ الأسواق المالية، مربحا للغاية. اذ ارتفع مؤشر فايننشال تايمز العالمي بنسبة %150 منذ مارس 2009 في حين ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز بنسبة %200.

وقد استند بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي السابق، في عمله واجراءاته الى خبرته في الاقتصاد في عصر الكساد. في حين منع ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، حدوث تفكك في منطقة اليورو من خلال التعهد بالقيام «بكل مايلزم». ويحاول هاروهيكو كورودا، محافظ بنك اليابان المركزي، اخراج بلاده من الانكماش الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ عقود.

وشهد المستثمرون الاجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية لكبح تقلبات السوق. حيث وصل مؤشر فيكس لتحركات أسعار الأسهم الأميركية المتوقعة المعروف باسم «مقياس الخوف عند وول ستريت» الى أدنى مستوياته منذ 7 سنوات. وعندما كانت عملية اعادة الأمور الى وضعها الطبيعي تواجه أية انتكاسات، كانت البنوك المركزية تسارع الى التصرف. اذ تعلم مجلس الاحتياطي الفدرالي من نوبة الغضب التي أصابت الأسواق جراء الخفض التدريجي في برنامج التيسيير الكمي، بعد أن اجتاحت العالم حالة من الاضطراب عندما ألمح الفدرالي الى خططه الرامية الى ذلك.

وفي أثناء كل ذلك، شهدت طبيعة عمل البنوك المركزية تغيرا. فكما يقول ديفيد كيلي، رئيس الاستراتيجيات في «جي بي مورغان» أسيت مانجمنت «شعرت البنوك المركزية بسعادة بالغة حيال أدائها خلال سنوات الأزمة، وهي محقة بذلك. فجميعها نتاج مدرسة فكرية ترى بأن السياسة النقدية لها حدود لكن يبدو أنها نسيت ما تعلمته. فالاجماع حول النهج المتحفظ والمعتدل خرج من النافذة».

وهو وضع لايشعر معه محافظو ومصرفيو البنوك المركزية بالضرورة بالراحة. فقد دفعوا السياسيين لتطبيق اصلاحات هيكلية، غير ضرورية في أحيان كثيرة، ويدركون أن بحوزتهم أدوات قليلة فقط يمكن التصرف من خلالها، وهي سيطرتهم على أسعار الفائدة والسلطات التنظيمية. وكما يقول جون نوغي، المسؤول السابق في بنك انكلترا المركزي الذي يقدم استشارات الى البنوك المركزية «لا أحب أن أكون مصرفيا في بنك مركزي في الوقت الراهن لأن معظم وزراء المالية قالوا لهم: أنتم آخر فرصة أمامنا، فلا تفسدوا الأمر».

ويضيف العريان «لم نشهد هذا الأمر من قبل لجهة حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في ضوء النقص في الأدوات اللازمة لصنع وتنفيذ السياسات».

العبور بأكبر اقتصادات العالم الى بر الأمان يتطلب مهارات تقنية وحكما ذكيا. ومع التوسع الكبير في الميزانيات العمومية، أصبحت البنوك المركزية تهيمن على الكثير من الأسواق لتحل محل القطاع الخاص بذلك. والقلق هو أن الأسواق أصبحت تعتمد كثيرا على البنوك المركزية.

ويضيف نوغي قائلا «البنوك المركزية هي الجبس الذي يحيط بالأسواق ليدعمها لأنها غير قادرة على دعم نفسها. اذا نزعنا ذلك الجبس من حولها لانعرف كيف ستلتئم بشكل كاف».

تولت البنوك المركزية المهام الاشرافية والصلاحيات الاحترازية الكلية لتفادي وقوع أزمات نظامية، وهي مسؤوليات اضافية زادت من نفوذها، لكنها زادت أيضا من خطر حدوث اشتباك في أهداف سياساتها وفقدان المصداقية اذا لم تسر الأمور على مايرام.

الحكم الصائب سيكون مطلوبا في توقيت تشديد السياسات النقدية، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يكون بنك انكلترا المركزي أول من يقوم برفع أسعار الفائدة. لكن هناك قلقا من أن جهود البنوك المركزية يجب أن تحقق نموا كافيا، كما أن أسواق الأسهم ذهبت بعيدا في عملية التسعير خلال فترة الانتعاش.

المدرسة الفكرية الأخرى هي أن البنوك المركزية هي التي ستتخلف في المنحنى. ويخشى البعض من أن مجلس الاحتياطي الفدرالي قلل من تقديراته بشأن التحسن في سوق العمل ومخاطر التضخم. «هناك مستوى من الرضا داخل أسواق الدخل الثابت حيال قدرة البنوك المركزية على الابقاء على أسعار الفائدة منخفضة»، بحسب كيلي الذي يضيف «اذا تصرفت بحذر، سيؤثر ذلك في الاقتصاد، وفي النهاية سيتعين عليها أن ترفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع من المتوقع». ان الرهان على أن مصرفيي البنوك المصرفية سيصيبون في اجراءاتهم ليس لأصحاب القلوب الضعيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى