نفط وعملات

الأزمة الليبية تنعش تجارة العملة والبنزين المهرب على الحدود التونسية

s1201210122949

 

سيجد الشخص نفسه مجبرا لدفع ضعف الثمن الذى كان يشترى به البنزين فى مدينة بنقردان الحدودية التابعة لمحافظة مدنين ( جنوب تونس) فالصراع القائم بين الجماعات المسلحة فى ليبيا انعكست تبعاته ”إيجابا” على تجارة البنزين المهرب فى المدينة من خلال الإقبال المتزايد على شرائه من قبل الليبيين خاصة. وانتشرت دكاكين بيع البنزين المهرب فى كل مكان فى مدينة بنقردان التى انتفع أصحابها من تدهور الوضع الأمنى فى ليبيا. وتتصاعد حدة الأزمة السياسية والأمنية والعسكرية التى تعيشها ليبيا منذ اندلاع شرارة الاقتتال المسلح بين عدد من الفصائل المسلحة المتنازعة على فرض السيطرة بقوة السلاح فى مناطق استراتيجية، ولا سيما فى مدينتى بنغازى (شرق)، حيث يقود حفتر عملية ضد كتائب إسلامية مرتبطة برئاسة الأركان، والعاصمة طرابلس، حيث تخوض كتائب صراعا على السيطرة على مطار طرابلس. ويقبل الليبيون بشكل مكثف على هذه الدكاكين بعد أن فُقِد البنزين فى بلد نفطى أصبحت فيه الجماعات المسلحة تسيطر على أبار النفط. ومع تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المتناحرة فى المنطقة شب حريق فى خزانات وقود قرب مطار طرابلس الدولى الذى خرج عن السيطرة نتيجة هجمات صاروخية أدى إلى إتلاف أكثر من 10 ملايين لتر من مشتقات البنزين استنادا لتقارير إعلامية ليبية. شكرى، شاب تونسى، 28 عاما، من سكان مدينة بنقردان، حاصل على شهادة جامعية ويعمل بائعا للبنزين المهرب قال لوكالة الأناضول انتعاشة كبيرة شهدها سوق بيع البنزين، حيث ارتفع سعر النفط والبنزين فى ظرف أسبوع منذ بداية الأحداث فى ليبيا إلى الضعف، إذ كان سعر النفط قبل بداية الأحداث فى حدود 16 أو 17 دينار(1دولار= 1.72) للقالونة الواحدة ( 20 لترا ) وأصبح يتراوح اليوم بين 30 و 35 دينار، أما البنزين فكان سعره قبل الأحداث فى حدود 14 دينارا أما اليوم فيتراوح بين 24 دينار و 25 دينار”. وتابع شكرى: “سبب ارتفاع أسعار النفط والبنزين هو الإقبال الكبير لليبيين، وانعكس اتجاه تجارة البنزين فمن قبل كان يأتينا من ليبيا لنبيعه هنا أما اليوم فنفس هذا البنزين نبيعه إلى الليبيين”. ويضطر الليبيون لشراء البنزين بأغلى الأثمان لأن معظمهم يستعمل السيارات عند الدخول إلى تونس، تجارة العملة أو ما يصطلح على تسميته هنا فى بنقردان بتجارة “الصرف”، هى سوق سوداء قائمة منذ سنوات لبيع العملة رغم أن تجار العملة لا يحبذون هذه التسمية فهم يعتبرون أنفسهم مجبرين على هذه “الحرفة” بعدما انعدمت فرص العمل فى مجالات أخرى على حد قولهم. وتشهد هذه التجارة انتعاشة فى ظل تأزم الأوضاع فى ليبيا ويشهد الدينار الليبى تذبذبا فى أسعاره كل يوم مقارنة بالدينار التونسى أو ببقية العملات الأخرى. وقال أحد تجار الصرف فضل عدم الكشف عن هويته فى حديثه لوكالة الأناضول: “يشهد سعر الدينار الليبى تذبذبا هذه الفترة، أما المقياس فهو حالة الوضع الأمنى الذى تعيشه ليبيا كل يوم وبحسب عدد الداخلين إلى تونس عبر معبر رأس جدير الحدودى”. ولم يتسن الحصول على موقف رسمى حول السوق السوداء للعملة فى “بنقردان”، لكن محافظ البنك المركزى التونسى الشاذلى العيارى، قال فى تصريحات سابقة لوكالة الأناضول: “ليست لنا أرقاماً محددة (يقصد حول حجم التعاملات فى هذه السوق) ونعتقد أن النسبة ليست كبيرة وليس لها تأثير على الاقتصاد”، مشيراً إلى أن قيمة الصرف فى السوق هى نفسها فى البنوك التونسية. ويتّجه معظم الليبيين منذ خروجهم من معبر رأس جدير الحدودى إلى جزيرة جربة الساحلية ( قرابة 120 كلم على الحدود التونسية الليبية) إلى الفنادق الموجودة هناك أو استئجار شقق مفروشة يعدها أصحابها للعائلات. وبسبب الإقبال المكثف لليبيين على هذه الشقق ارتفعت أثمانها مقارنة بالأيام الماضية ويبلغ سعر الليلة الواحدة بالنسبة للبيوت العائلية بين 80 الى130 دينارا (50 إلى 70 دولار) بعد أن كان فى حدود 60 دينار إلى 100 دينار. وبحسب تصريحات جمعها مراسل وكالة الأناضول لبعض الليبيين النازحين إلى جزيرة جربة فإن الوضع يختلف كثيرا بين الأزمة التى يعيشونها الآن وبين ما كانوا قد عاشوه فى ثورة 17 فبراير الليبية. وقال عمر (أب لـ 5 أبناء) “اضطررنا لاستئجار بيوت هنا بأسعار مرتفعة بعض الشىء ونحن نقدر ونعلم هذا مسبقا ولكن المشكلة أن المصارف مغلقة فى ليبيا وليس لدينا سيولة كافية لدفع معلوم الكراء (قيمة الاستئجار) والمصاريف لفترة ما بعد الـ3 أشهر الأخرى”. وقال أحمد يعمل موظفا فى وكالة أسفار تونسية مخصصة للعمل مع الليبيين “الوضع مختلف هذه السنة، فى السابق كان الليبيون يأتون إلينا ويقولون نحن نبحث عن نزل ولا أشكال فى الأثمان أما اليوم فهم يطلبون النزل التى أسعارها منخفضة بعض الشيء لأنهم لا يحملون معهم مبالغ كبيرة”. وأضاف: “المشكل أن كل النزل ممتلئة فى شهر أغسطس وليس بالأمر الهين حتى فى الظروف العادية أن تجد مكانا لليبيين فى هذا الوقت فى أحد النزل، إضافة إلى أن العديد من أصحاب النزل يرفض استقبال الليبيين نظرا للاختلاف فى المستوى الاجتماعى والثقافى مع الأجانب من الجنسيات الأوربية والمشاكل التى تسببوا فيها سابقا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى