نفط وعملات

تحليل: هل يتقشف العراق مع استمرار انخفاض أسعار النفط دون 80 دولاراً؟

3658691

 

تراجعت أسعار النفط الى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات لأقل من 75 دولاراً للبرميل، وهو أدنى سعر منذ يوليو عام 2010، ولذلك التراجع الكبير العديد من الآثار السلبية على العراق ذي الاقتصاد الأحادي باعتماده شبه الكامل على الإيرادات النفطية، فالعراق كان يحتاج إلى بيع نفطه بسعر 106 دولارات للبرميل خلال عام 2013 من أجل إعداد موازنة بلا عجز في حين يحتاج خلال عام 2014 إلى بيع البرميل بسعر 111.2 لتأتي موازنته متعادلة.

ويأتي هبوط أسعار النفط في وقت يعاني فيه العراق من تحديات أصعب من أي دولة نفطية أخرى، فالعراق يواجه اليوم تحديات استثنائية في مقدمتها إعادة بناء قواته المسلحة في مواجهة تنظيم “داعش” الذي يسيطر على مناطق واسعة من شمال العراق وغربه. ويتزامن ذلك الهبوط مع تزايد الحاجة إلى الانفاق الحكومي ودفع رواتب جهاز وظيفي متضخم وتغطية تكاليف البطاقة التموينية وتوفير مأوى ومساعدات انسانية للنازحين والمهجرين الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بأكثر من مليونين.

ومن ثم  فتراجع أسعار النفط لمستويات أدنى من 90 دولاراً للبرميل، ستثمل عائق أمام الميزانية العراقية التي تعتمد بأكثر من 90 % على الإيرادات النفطية، ومن ثم أصبح على الحكومة المركزية أن تقوم بتهيئة الموازنة الاتحادية في ضوء القدرة التصديرية النفطية التي تشهد أسوأ أحوالها. حيث ‏قد تصل قدرة التصدير إلى 2,6 مليون برميل كحد أدنى من الحقول الجنوبية. إضافة إلى حقول نفط ‏كوردستان العراق التي قد يصل انتاجها بين 250 و400 الف برميل يومياً.

ولذلك قد يواجه الاقتصاد العراقي أزمة في الربع الأول من عام 2015، وهي الدورة الفصلية ‏الرابعة لموازنة العراق الاتحادية من السنة المالية 2014، وذلك في حال استقرار معدل أسعار ‏النفط عند 80 و85 دولاراً، وربما يتطلب ذلك مرونة كبيرة في ‏السياسات الحكومية، ومنها الاستجابة للسيايات التقشفية، وذلك على جميع الوزارات ومؤسسات الدولة من خلال التقليل من المصروفات غير الضرورية.

ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد العراق بنسبة 2.7 % خلال عام 2014 في أول انكماش منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وذلك بعد أن سيطر تنظيم “داعش” على مساحات شاسعة من العراق، وكلما ازدادت الأوضاع سوءً في العراق، كلما استغلت داعش ذلك وقامت ببيع النفط العراقي المستخرج من حقول النفط التي يسيطر عليها التنظيم إلى تركيا، وذلك من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على الموازنة العامة للدولة.

وتلك السيطرة من جانب تنظيم داعش على حقول النفط العراقية سوف تؤثر بشكل سلبي على الجانب الاستثماري وعلى الموازنة العامة وخاصة على الأجور والرواتب، فأوضاع الموازنة في وضع سيئ ولا تزال الحكومة عاجزة عن حل مشكلتها، وعلى الرغم من أن 85% من نفط العراق هو من الحقول الجنوبية، البعيدة عن الاضطرابات الحالية، والبقية يأتي من حقول نفط الشمال، إلا أن ذلك لا يعني أن اقتصاد العراق وصادراته لن تتأثر.

وأظهرت التوقعات الاقتصادية الإقليمية لصندوق النقد، أن التباطؤ الاقتصادي الحالي في العراق يأتي بعد نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.2 % في 2013 والذي كان أضعف معدل منذ 2007.

ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2014، من المرجح أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي مقارنة مع نمو يزيد على 7 % في 2013 في ظل القتال الذي يقوض الثقة ويعطل إمدادات الوقود والكهرباء ويزيد من كلفة التجارة والتوزيع ويقلص الاستثمارات. ويتوقع الصندوق تسارع النمو مجدداً إلى 1.5 % خلال 2015، بدعم من ارتفاع إنتاج النفط لكنه خفّض توقعاته لإنتاج النفط على المدى الطويل إلى 4,4 مليون برميل يومياً في 2019، من 5,6 مليون برميل يومياً في توقعات الصندوق في مايو 2014.

فتدهور الوضع الأمني سيضر بالقدرة الفنية والإدارية على زيادة إنتاج النفط وصادراته في الأجل المتوسط، فضلاً عن أن موازنة الحكومة تتعرض لضغوط جراء ارتفاع الإنفاق على الأمن وجهود الإغاثة. وتشير تقديرات صندوق النقد إلى أن سعر النفط اللازم لوصول موازنة العراق إلى نقطة التعادل يبلغ 111.2 دولار للبرميل في 2014، ارتفاعاً من 106.1 دولار في عام 2013.

وبالفعل ارتفعت خسائر قطاع النفط العراقي خلال الأشهر من يوليو حتى أكتوبر 2014 إلى 16,32 مليار دولار، بما يمثل 27 % من إيرادات العراق المتوقعة نتيجة تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتراجع إنتاج العراق جراء سيطرة تنظيم “داعش” على مساحات واسعة من الأراضي الغنية بالنفط شمال العراق.

جدير بالذكر أن الموازنة العراقية  للعام المالي 2014 تم وضعها على أساس سعر برميل النفط 90 دولاراً، أي أقل بعشرة دولارات من سعر البيع الفعلي حينها تحسباً للطوارئ والمتغيرات التي حدثت بالفعل ولكن سعر البرميل تراجع إلى ما دون 90 دولاراً. ومن ثم نجد أن فقدان عشرة دولارات عن كل برميل ولفترة طويلة تسبب في خسارة الموازنة العراقية مليارات الدولارات والمتوقع أن تستمر مع بقاء أسعار النفط عند مستوياتها الحالية.

ووفقاً لبيانات وزارة المالية العراقية، تعتبر خسائر العراق المالية خلال عام 2014 الأعلى منذ عام 2003، إذ تراجع الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل من آبار نينوى وصلاح الدين وكركوك، أي فقد العراق عوائد تقدر بـ 4,3 مليار دولار، يضاف إليها 12 مليار بسبب تدهور أسعار النفط العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى