تقرير: الصناديق السيادية العالمية في وضع أفضل لإدارة شؤونها
نشرت شركة إنفيسكو اليوم دراستها السنوية المتعمِّقَة الثالثة حول إدارة أصول صناديق الثروات السيادية العالمية تحت عنوان “إنفيسكو جلوبال سوفيرين أسّيت مانَجمنت ستَدي¹”.
وبحسب بيان تلقت “مباشر” نسخة منه، ترصد الدراسة بدقة السلوك الاستثماري المُعَقَّد لصناديق الثروات السيادية العالمية، وشملت الدراسة السنوية الثالثة أكثر من 50 صندوق سيادي حول العالم يمثلون ما قيمته 7.9 تريليون دولار أمريكي² من الأصول الاستثمارية، بما فيها صناديق الثروة السيادية المتمركزة في الشرط الأوسط.
وأجرت الشركة دراستها الخاصة بالعام الحالي على خلفية التراجع الكبير في أسعار النفط لتوفِّر نظرة أولية حول تأثير هذا التراجع على الصناديق السيادية العالمية. واستعرضت الدراسة تطور الاستراتيجيات الاستثمارية لتلك الصناديق سواء من حيث أفضلياتها من فئات الأصول، لا سيما قطاع البنى التحتية في الأسواق الصاعدة من جهة، ومن حيث استراتيجية التنفيذ من جهة أخرى، وسط تزايد تكرار تعاونها مع بعضها بعضاً للحصول على الفرص الاستثمارية.
وفي سياق تعليقه على نتائج الدراسة، قال نيك تولشارد، رئيس مجموعة إنفيسكو للصناديق السيادية العالمية ورئيس شركة إنفيسكو الشرق الأوسط: “وفي ضوء هذ الخلفية، كان من الملفت أن نلاحظ أن منطقة الشرق الأوسط علَّقت أهمية كبرى على أهداف الاستثمار بشكل أكبر مما فعلته الصناديق الاستثمارية الغربية.
وعلى نفس النسق، حققت الصناديق الشرق أوسطية أعلى معدلات العائدات الاستثمارية المستهدفة وأطول آفاق الاستثمار الزمنية وبما متوسطه 7.8 سنوات. وتضع هذه الخلاصات الصناديق السيادية للشرق الوسط في مكانة فريدة بين الصناديق السيادية الأخرى في العالم”.
وأضاف أن أسعار النفط المنخفضة تؤدي لتحديات تمويلية متوقعة لبعض الصنادق السيادية عموماً لا سيما في أمريكا الشمالية التي يتوقع أن تكون أكثر ثأثراً من الشرق الأوسط ترك التراجع الكبير في أسعار النفط آثاراً خطيرة على اقتصادات مختلف دول العالم وأسواق أسهمها وفوائض حساباتها الجارية، والتي تعتبر مجتمعة روافد لتمويل الصناديق السيادية العالمية على المدى القصير.
أكدت الدراسة أن الصناديق السيادية لا تتعرض بنفس القدر لآثار تراجع أسعار النفط وكشفت النقاب عن اختلاف تلك الآثار بين إقليم وآخر تبعاً لمستوى الانكشاف التمويلي (والمتمثل في عائدات النفط كنسبة مئوية من اجمالي الناتج المحلي) إضافة إلى عوامل أخرى أمثال الحوكمة وإدارة المخاطر والسيولة.
وعلى النقيض من الاستنتاجات البدَيهية، ربما ترى الصناديق السيادية الممولة بعائدات النفط في الأسواق الصاعدة في الشرق الأوسط نفسها الأقل تضرُّراً من الناحية التمويلية. وبدلاً من ذلك، كانت الصناديق السيادية الأمريكية الشمالية التي شهدت تراكم الفوائض الحكومية الناجمة عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية الأكثر تأكيداً على توقعها لتأثر تمويلاتها الجديدة سلباً على المدى القصير.
وتوقعت أغلبية الصناديق السيادية الأمريكية الشمالية (80%) تراجع مواردها التمويلية هذا العام، توقعت بقية الصناديق (20%) استقرار تلك الموارد (الرسم 1).
وأضاف نيك تولشارد: “واجه توقيت انخفاض أسعار النفط حكومات دول أمريكا الشكالية وكندا بتحديات كبيرة، حيث أدى تراجع العائدات النفطية إلى انخفاض الدخول الضريبية لتلك الحكومات في الوقت الذي ارتفعت فيه نفقاتها بحدَّة نتيجة تقاعد الجيل الوَلود كثير الانجاب للأطفال”.
وفي سائر أنحاء العالم³، توقعت نسبة أقل ولكن مهمة تبلغ 42% من الصناديق السيادية التي تعتمد مواردها التمويلية بقوة على العائدات النفطية تراجع تلك الموارد مقارنة مع مستوياتها خلال العام الماضي، ما يؤكد أن العلاقة القائمة في الأسواق الصاعدة بين تمويل الصناديق السيادية والعائدات النفطية ذات طابع عالمي ولا تقتصر على الصناديق التي تعتمد مواردها التمويلية بقوة على تلك العائدات³.
وأعرب بعض مسؤولي الصناديق السيادية المشاركين في الاستبيان عن قلقهم بأن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى انتكاسة قصيرة الأجل لاستراتيجيات الاستثمار الأكثر تحفظاً وإرجاء التوجه نحو اتباع استراتيجيات استثمارية أكثر جرأة تركز على الاستثمارات البديلة.
وعلى الرغم من هذا التوجه يظل من الواضح أن الصناديق السيادية لا تزال تعتقد أنها في وضع أقوى للتعامل مع انخفاض أسعار النفط هذا العام من وضعها قبيل أزمة عام 2008.
ولا تزال البيئة الراهنة المحيطة بالصناديق السيادية متعطشة لعائدات مرتفعة ما يدفع بتلك الصناديق بالتالي إلى تطوير استراتيجياتها الاستثمارية طويلة الأمد بما يلبي تلك التطلعات، بما في ذلك البحث بصورة متزايدة عن استثمارات بديلة.
وتواجه الصناديق السيادية العديد من التحديات المشتركة لدى الاستثمار في قطاع البنى التحتية والقطاع العقاري وبصفة خاصة بالنسبة للتكاليف (خاصة حين تضطر لدفع عمولات للغير لإبرام الصفقات) وبالنسبة للتنافس (خاصة بالنسبة للصناديق السيادية صغيرة الحجم التي كثيراً ما تعجز عن المنافسة سوى في أسواقها المحلية). ويشكل حجم الصفقات وعددها تحدياً للصناديق السيادية الكبيرة التي تحتاج عادة إلى استخدام أصول ضخمة لتتمكن من المنافسة (الرسم 6).
إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه الصناديق السيادية للاستثمار في قطاعي البنى التحتية والعقارات على حد سواء يتمثل في الواقع في الحصول على صفقات (أكد 53% من تلك الصناديق أن هذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه).
وتزداد حدة هذا التحدي في قطاع البنى التحتية حيث تشير دراسة العام الحالي إلى تسارع نمو التعاون بين الصناديق السيادية للفوز بصفقات استثمارية في هذا القطاع (الرسم 7). وكشفت الدراسة النقاب عن أن كل صندوق سيادي خصص أكثر من 5% من أصوله للاستثمار في الاستثمارات البديلة كان لديه في المتوسط 2.7 صندوق سيادي متعاون معه وأن هذا التوجه مرشح للنمو بمرور الزمن.
وأختتم نيك تولشارد قائلاً: “في أعقاب الانخفاض الأخير في أسعار النفط، كشفت دراسة العام الحالي عن أن قطاع الاستثمار بات أكثر تكاملاً وتعقيداً من أي وقت مضى، وذلك بالتزامن مع استمرار تركيز الصناديق السيادية على الفوز بصفقات استثمارية في قطاع البنى التحتية، وهو تطور يغيِّر طبيعة العلاقة التقليدية بين الصناديق السيادية”.
“نحن نعتقد أن هذه الدراسة السنوية توفر إطلالة لا تقدر بثمن على السلوك الاستثماري المتطور والأهداف الاستراتيجية للصناديق السيادية في جميع أنحاء العالم”.