خبراء: المتانة المالية لحكومة الشارقة تضمن تغطية أية إصدارات سيادية جديدة
قال خبراء ماليون إن متانة الأوضاع المالية لحكومة الشارقة والثقة بالآفاق الاقتصادية للإمارة، فضلاً عن انتعاش القطاعات الرئيسية المحفزة للنمو، تضمن تغطيات قوية لأي إصدارات سيادية تعتزم الحكومة طرحها في أسواق الائتمان العالمية خلال الفترة المقبلة.
وأكد الخبراء ـ بحسب “الاتحاد” ـ أن حصول حكومة الشارقة مطلع العام الجاري على تصنيفات ائتمانية ضمن الفئة «ايه» في أول تقييم ائتماني تحصل عليه الإمارة من قبل وكالتي موديز وستاندرد اند بورز، يعكس مستوى الجدارة الائتمانية التي تتمتع بها الشارقة ويؤهل إصداراتها السيادية للحصول على مستويات تسعير جيدة وبكلفة إقراض متدنية، مقارنة بالعديد من الاقتصادات الأخرى التي تواجه صعوبة في الحصول على التمويلات اللازمة، كونها تأتي ضمن فئات التصنيف الأقل.
وشدد هؤلاء على أن الثقة بالآفاق الاقتصادية للشارقة تبدو أكثر قوة خاصة في ظل ما تزخر به من مقومات اقتصادية وفرص استثمارية وبيئة أعمال جاذبة للمستثمرين من جميع أنحاء العالم تغطي القطاعات الاقتصادية كافة.
وكشفت مصادر مصرفية مؤخراً، عن اعتزام إمارة الشارقة دخول سوق السندات الدولية لأول مرة، من خلال طرح صكوك، متوقعة أن يتم إصدار هذه الصكوك في سبتمبر المقبل.
وحصلت إمارة الشارقة على تصنيف ائتماني سيادي للمرة الأولى تراوح بين درجة (A) من قبل وكالة ستاندرد أند بورز و(A3) من قبل وكالة موديز، كاعتراف دولي بقوة اقتصاد الإمارة من قبل وكالات عالمية متخصصة ومعترف بها دولياً، لما تزخر به إمارة الشارقة من مقومات اقتصادية وبيئية وثقافية متكاملة، ما يسهم بإعطاء الثقة للمستثمرين الحاليين، ويفتح الآفاق لمزيد من المستثمرين الجدد وفي تخفيض تكلفة الاقتراض.
وعكس التصنيف المرتفع للإمارة متانة الأوضاع الاقتصادية والمالية التي تتمتع بها حكومة الشارقة، والآفاق المستقبلية المستقرة، فضلاً عن إظهار قدرة الإمارة وتقديمها كنموذج متطور في إدارة مواردها المالية وفق أفضل الممارسات العالمية، بما يعد اعترافاً دولياً بقوة اقتصاد الإمارة من قبل وكالات التصنيف العالمية.
وأجمعت وكالتا موديز وستاندرد أند بورز على قوة الجدارة الائتمانية لحكومة الشارقة المدعومة باقتصاد تنافسي غني ومتنوع والذي يحظى بآفاق مستقبلية مواتية، فضلا عن متانة الوضع المالي والدين الحكومي المنخفض الذي يقل عن 6% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة والذي يتوقع أن يبقى بحدود تقل عن 10% في العام الجاري بحسب تقديرات وكالة موديز.
وتعد هذه التصنيفات داعماً مهماً للجهات الحكومية التي تمارس أنشطة تجارية، ويبرز تطور الإمارة ويقدمها كنموذج متطور في إدارة مواردها المالية وفق أفضل الممارسات العالمية.
وتوقع محمد على ياسين، العضو المنتدب لشركة أبوظبي للأوراق المالية، أن تحظى أي إصدارات للصكوك والسندات سواء لحكومة الشارقة أو الجهات التابعة لها بتغطية قوية من قبل المؤسسات المالية الأجنبية والمحلية تواكب التصنيفات الائتمانية الجيدة التي حصلت عليها الإمارة، وأن تحصل على تسعير منخفض يتراوح بين 4,5% و5%.
وأكد ياسين أن حصول حكومة الشارقة على تصنيفات من الفئة (ايه) من قبل موديز وستاندرد اند بورز، يعد خطوة مهمة لمساعد الشركات والجهات التابعة للحكومة في بناء منحى استرشادي لأي عمليات اقتراض في المستقبل، مشيراً إلى أن هذه التصنيفات ستسهم في توفير السيولة اللازمة لتمويل مشاريع البينة التحتية والمشاريع الرأسمالية في الإمارة بكلفة إقراض ثابتة وأقل، وفترات زمنية أطول بخلاف مصادر التمويل المتاحة حالياً من البنوك التي ترتفع فيها كلفة الإقراض وتقل فيها سنوات السداد، بالإضافة إلى دور هذه التصنيفات في ترسيخ مكانة إمارة الشارقة الاقتصادية على الخريطة العالمية كوجهة استثمارية آمنة.
وأوضح أن إمارة الشارقة في ظل مستويات النمو القوية التي تشهدها الشارقة خلال العامين الماضيين، وخاصة في القطاع السياحي والعقاري، فضلاً عن بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، أصبحت الحاجة إلى السيولة أكبر عن السابق.
وتوقع ياسين أن تحظى إصدارات الشارقة في أي وقت بإقبال قوي من قبل البنوك المحلية، التي تتطلع لاستثمار السيولة المتضخمة لديها في أدوات استثمارية سيادية مضمونة بعيداً عن مخاطر الأدوات الاستثمارية الأخرى.
بدوره، اعتبر كريم الصلح الرئيس التنفيذي في جلف كابيتال حصول إمارة الشارقة على تصنيف ائتماني من الفئة «إيه» من قبل ستاندرد أند بورز ووكالة موديز، من شأنه أن يسهم في تقليل كلفة الاقتراض من أسواق الائتمان العالمية في حال أقبلت الإمارة على إصدار صكوك أو سندات.
إلى ذلك، قال مصدر في أحد البنوك الأجنبية العاملة في الدولة والنشطة في مجال إدارة الأصول، إن الوضع الائتماني الجيد لإمارة الشارقة يؤهلها للحصول على مستويات تسعير جيدة في حال أقدمت على إصدار صكوك في أسواق الائتمان العالمية. وبحسب وكالة موديز لخدمات المستثمرين، التي أكدت التنصيف السيادي للشارقة عند مستوى (ايه3) في أول تحديث سنوي، تعزز المتانة المالية لحكومة الشارقة والدين الحكومي المنخفض، الجدارة الائتمانية للإمارة.
وأوضحت الوكالة أنه بالإضافة إلى التنافسية التي يتمتع بها القطاع الصناعي في الإمارة، فإن القوة الائتمانية للشارقة تدعمها أيضاً مستويات أعلى من التنويع الاقتصادي مقارنة مع بقية إمارات الدولة الأخرى، وكذلك على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.
ولفتت الوكالة إلى أنه في حين تتعدد استفادة الإمارة من الوضع الاقتصادي القوي لدولة الإمارات، وعلى الرغم من صغر حجم اقتصاد الإمارة وروابطها الاقتصادية مع بقية إمارات الدولة، فإن الإمارة قد تكون عرضة لدورة تقلبات الاقتصاد الكلي، منوهة بضرورة تقوية المؤسسات وزيادة مستوى الشفافية من خلال نظام إحصائي أشمل يغطي كافة البيانات الاقتصادية.
وقالت الوكالة أنها أبقت على التصنيف الائتماني الذي منحته للإمارة عند مستوى ايه 3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك في أول تحديث سنوي له، مشيرة إلى أنها ترى أن مستويات الدين الحكومي للإمارة تعتبر متدنية، لكنها في المقابل تنبه إلى أن قدرة الإمارة على احتواء الاتجاه الصعودي لهذا الدين تمثل تحدياً هاماً.
ولفتت الوكالة إلى أن الإيرادات الحكومية في الشارقة تعتمد بشكل رئيسي على عائدات قطاع النفط والغاز والرسوم الجمركية ومبيعات الأراضي. وأكدت وكالة موديز أن ما يدعم إيجابية الآفاق الائتمانية لإمارة الشارقة مرتبط كذلك بالإنجاز الناجح لبرنامج تحديث المالية العامة لحكومة الشارقة الجاري تنفيذه حالياً.
بدورها، توقعت وكالة ستاندرد أند بورز، التي منحت الشارقة التصنيف الائتماني السيادي للإمارة عند (A/A-1) للعملات الأجنبية والمحلية في المديين الطويل والقصير، مع منحها نظرة مستقبلية مستقرة، حدوث زيادة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة الشارقة بدعم من النمو القوي لاقتصاد الدولة، مؤكدة أن تثبيتها لتصنيف الشارقة يعكس بالأساس النمو القوي في حصة الفرد من الناتج، إضافة إلى مزايا الانتماء لدولة الإمارات، التي تتضمن قلة المخاطر الخارجية.
ووصفت الوكالة قواعد اقتصاد الإمارة بـ «القوية»، وذلك بدعم من قاعدة الإنتاج المتنوعة نسبياً، لافتة إلى أن القطاعات الأربعة الكبرى التي تشكل أسس اقتصاد الإمارة، تتمثل في العقارات وخدمات الأعمال (نحو 20%)، والتصنيع (16%)، والتعدين والمحاجر والطاقة (13%)، وتجارة الجملة والتجزئة ( 12%).
وتوقعت الوكالة نمو الاقتصاد الحقيقي للإمارة بنسبة 5% في العام الجاري، كما قدرت نمو حصة الفرد من الناتج (الوسط المرجح للفترة 2008- 2017) بنحو 4%، وهو نمو مرتفع نسبياً مقارنة بالاقتصادات المماثلة التي تمتلك نفس حجم الثروة. وكذلك قدرت الوكالة حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي للإمارة بنحو 92 ألف درهم (25 ألف دولار) في عام 2013.
وقالت وكالة ستاندرد أند بورز إن التقييم المرتفع الذي منحته لحكومة الشارقة يدعمه محدودية المخاطر المالية وعدم وجود مسؤوليات إنفاق عالية لدى الحكومة، فضلاً عن متانة اقتصادها الغني والمتنوع الذي يحظى بآفاق مواتية، وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن الشارقة تعد ثالث أكبر إمارة في دولة الإمارات من ناحية عدد السكان والناتج المحلي الإجمالي والمساحة، حيث تحتضن نحو 10% من سكان الدولة، وتسهم بنحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، بحسب تقديرات عام 2012.
ونوه تقرير ستاندرد أند بورز بقوة أسس اقتصاد الشارقة القائم على قاعدة عريضة من الإنتاج المتنوع والبنية التحتية الداعمة، لافتاً إلى أن أكبر القطاعات الرئيسية التي يعتمد عليها اقتصاد الإمارة تتمثل في قطاع العقارات وخدمات الأعمال بنحو 19%، وقطاع التصنيع بنحو 17%، فيما يشكل قطاع التعدين والطاقة نحو 14% مقابل 12% لمساهمة لقطاع التجارة.
وقدرت الوكالة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة بنحو 24,6 ألف دولار في عام 2013، كما توقعت الوكالة أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للشارقة نمو قدره 5% خلال العام الحالي مقارنة مع نمو قدره 4,8% في عامي 2012 و2011.
وخلصت وكالات الائتمان العالمية إلى أن إمارة الشارقة تتمتع بيئة جاذبة للمعيشة ومزاولة الأعمال لما تنتهجه من عدم فرض ضرائب على الدخل أو الشركات أو المبيعات ومعدلات أسعار مناسبة لجميع الفئات لشراء أو استئجار العقارات وكذلك رسوم وتكاليف مناسبة مزاولة الأعمال ومعدل التضخم فيها منخفض نسبياً.