خبراء: المستثمرون الجدد الأسهم الإماراتية يتكبدون خسائر فادحة بسبب جشع «الحيتان»
أحلام الثراء السريع تداعب مخيلة عدد كبير من الناس، ما يدفعهم إلى البحث عن أقصر الطرق لتحقيقه، وهي «البورصة»، خاصة بعد موجات الارتفاع الحادة التي حققتها عالميا ومحليا عقب تعافي الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية، بيد أن التراجعات الحادة للاسهم احيانا تبخر استثمارات عدد من المستثمرين الأفراد الذي يفضلون المضاربة.بحسب جريدة الخليج
حالة من الطمع، مع تسرع وفقدان للصبر، التي تسيطر على نفسيات معظم المستثمرين الأفراد، تدفعهم إلى اللحاق بما يسمى بالقطيع في البورصات سواء كان بعمليات البيع أو الشراء، ما يسهم في موجات ارتفاع أو تراجعات تكون أحيانا حادة مع ارتفاع شدة البيع، ما يساهم في تكبيد هؤلاء خسائر قد تفقدهم أكثر من نصف رأس مالهم.
ويلجأ بعض هؤلاء إلى استشارات من مقربين أو أصدقاء أو من خلال المنتديات التي تتابع قضايا الاسهم والتداولات وما ينشر في الصحف على لسان «محللين»، دائما ما يعكسون الوجه الإيجابي ويشجعون على الاستثمار في الأسهم، ما يدفع الأفراد إلى اتخاذ قرارهم بالاستثمار في البورصة، بيد أن حالة من الطمع تدفعهم إلى المضاربات لتحقيق أرباح سريعة.
وعادة فإن الأسواق المالية تكون انعكاسا للواقع الاقتصادي لأي دولة، بيد أن انفتاح الأسواق أمام مستثمرين أجانب كما في أسواق الإمارات عقب ترقيتها على المؤشرات العالمية إلى ناشئة، جعل حركتها أكثر ارتباطا بالأسواق العالمية، وإن كان الارتباط في جانب الهبوط أقوى منه من الانخفاض، ما يدفع أحيانا مستثمرين إلى عمليات بيع هلعي للحد من الخسارة، دون الالتفات إلى الجوانب الأساسية والفنية أو إلى الاقتصاد الإماراتي الذي يحقق معدلات نمو قوية.
«الاتحاد» رصدت بعض تجارب مستثمرين أفراد قرروا الدخول إلى السوق المالي على آمل تحقيق ربح، والتي كشفت بعض الأخطاء ورصدت ثغرات في طريقة الاستثمار وطريقة التعامل مع الأسهم، ومن تلك الأخطاء شراء الأسهم دون قراءة مؤشرات أداء الشركات، ومتابعة التقارير المتخصصة والنشرات اليومية لحالة السوق التي يصدرها السوق نفسه، مثل هذه الكبوة أخرجت أحمد حميد السويدي، وهو تاجر ومستثمر جديد في سوق الأسهم، وكانت سببا في اختياره للسهم الخطأ، والذي بدوره ضخ مبلغا ماليا ضخما لشراء أسهم شركة ما عرف عنها التراجع في قيمة سهمهم.
وشرح السويدي السر وراء انخداعه بالسهم، وذلك بعد أن امتدح أحد اصدقائه له اداء الشركة، وغرته القيمة المالية لبيع السهم، مشيرا إلى أنه اضطر للبيع حتى لايخسر المزيد من أمواله مع استمرار سهم الشركة بالتراجع، ورغبته استعادة جزء من أمواله بهدف إعادة استثمارها مجددا.
وافاد عبدالله سالم الكثيري (موظف) أنه دخل للسوق كمضارب، وتوقع أن يحقق فارقا ماليا في المبلغ المالي البسيط الذي دخل به، لكنه في الوقت نفسه خسر مع تراجع السهم في اليوم نفسه الذي قام فيه بعملية شراء السهم ليقوم ببيع الأسهم مرة ثانية بسعر أقل كلفة، مشيرا إلى أنه تعجل في عملية البيع ولو أنه اتخذ قرار تأجيل عملية البيع لما خرج من السوق خالي الوفاض.
وعبرت هدى السعدي (مدرسة متقاعدة) إلى أنها وقعت ضحية ترويج كبير لسهم إحدى الشركات من قبل مروجين للشائعات لتكتشف عقب ذلك أنها اختارت السهم الخاسر.
وأضافت السعدي: إنها عوضت خسارتها بتحولها للاستثمار في سوق آخر وهو سوق الذهب، وتمكنت من استرجاع المبلغ المهدور بتحولها السريع للاستثمار الرابح.
ولكل من حمدان البريكي وسالم البريكي «مستثمران في سوق الأسهم» تجارب عديدة بالسوق لاتخلو من الأخطاء التي عرفتهما أكثر على السوق، حيث أكد حمدان أن أول خطأ وقع فيه هو استثماره في السوق في أكثر فترات تراجعه، فيما أوضح سالم أن أكبر أخطائه تمثل في اعتماده على كلمة حظ لتجربة قد تنجح أو تخسر دون إلمام بالسوق، ودراية بالالية العمل به، مضيفا أنه عندما يتذكر أول عملية تداول له بسوق الاسهم يضحك من عجلته وتسرعه لمجرد رغبته في تحقيق مكسب وثروة مالية باعتماده على الحظ.
من جانبه، رأى محمد عيد، مستشار مالي بشركة ثراء كبيتال للاستثمار، أن قضيتي الاستثمار والتمويل يعتبران من المواضيع الهامة التي تتبوأ مكانا رئيسيا في مختلف الدول المتقدمة والنامية على حد سواء من أجل رفع معدلات تنميتها الاقتصادية وتحقيق استقرارها الاقتصادي والعمل على إشباع احتياجاتها الأساسية وتنمية ثرواتها الوطنية.
وقال: «من أجل التوصل إلى تحقيق هذه الأهداف فإن ذلك يتطلب البحث عن السبل والأساليب الكفيلة برفع الكفاءة الاقتصادية في استغلال مواردها استغلالا أفضل وزيادة طاقتها الإنتاجية بما يعود عليها بأعلى العوائد وبأقل المخاطر، إضافة إلى توفير المناخ المناسب للاستثمار، وذلك بوضع القوانين والتشريعات التي تكفل استقطاب رؤوس الأموال واستثمارها بداخلها».
وقال عيد: إن البورصة سوق لها قواعد قانونية وفنية تحكم أدائها وتحكم كيفية اختيار ورقة مالية معينة وتوقيت التصرف فيها، وقد يتعرض المستثمر غير الرشيد أو غير المؤهل لخسارة كبرى في حال قيامه بشراء أو بيع الأوراق المالية في البورصة، لأنه استند في استنتاجاته في البيع أو الشراء إلى بيانات خاطئة أو غير دقيقة أو أنه أساء تقدير تلك البيانات.
وأكد عيد أنه يجب التمييز بين الاستثمار بهدف الحصول على نسبة من أرباح تلك الشركات، أو الاستثمار بهدف المضاربة، وهو الحافز الرئيسي للمستثمرين في السوق، منوها إلى أن المضاربين، أفراداً أو مؤسسات، لا يعتبرون السوق المالي منتجاً للثروة كما هي التجارة، بل ساحة لتبادل الثروة فقط، إذ يحتمل ولو نظرياً أن تتمكن كل الشركات في أي نشاط تجاري عادي من تحقيق الأرباح أو عدم التعرض للخسائر على الأقل، لكن ذلك غير ممكن عن طريق المضاربة في الأسواق المالية حتى نظرياً، فكل ربح عن طريق المضاربة في السوق المالي لا بد أن تقابله خسارة طرف آخر.
وأوضح عيد أن المخاطر بالأسواق المالية والاستثمار في الأسواق المالية كغيره من الاستثمارات، ينطوي على مخاطر متعددة، وهي مرتفعه نسبيا إذا ما قورنت بالمخاطر الناتجة عن الاستثمارات البديلة.
ومن المخاطر الرائجة بأسواق الامارات المحلية هي الشائعات، فكثيرا ما تشكل الشائعات خطرا كبيرا، سواء على البورصة بشكل عام أو على أسهم بعينها، وغالبا ما يروج لهذه الشائعات إما كبار المستثمرين أو المؤسسات المالية المستثمرة في السوق، ليوجهوا صغار المستثمرين في اتجاه معين، إما بيعا أو شراء لأسهم معينة ويكون الصغار «وجبات غذاء» لحيتان السوق، بحسب عيد، الذي قال: «تعتبر ظاهرة الخوف والطمع من أهم الأشياء المؤثرة على الاستثمار في الأسهم، حيث إن الخوف يؤدي إلى إسراع الأفراد لبيع الأسهم بشكل جماعي، وهو ما يترتب عليه هبوط شديد في المؤشر العام للبورصة، وفي هذه الحالة يجب على المستثمرين تجنب عمليات الشراء في أوقات وجود خوف من الهبوط في الأسعار واتجاه الأفراد نحو البيع الجماعي، وعلى الجانب الآخر فهناك ظاهرة الطمع فهو أحد محددات السوق غير القابلة للقياس، والتي تؤثر بشكل مباشر في حركة شراء الأسهم فتدفع غريزة الطمع الأفراد نحو الشراء بدافع الحصول على مزيد من الربح، مما يدفع الأسعار نحو الارتفاع، وهو ما يؤدي إلى حدوث فقاعة كبيرة في السوق نتيجتها هو وجود أسهم مقيمة بأعلى من قيمتها الحقيقية بشكل كبير».
وأشار عيد إلى أن من المخاطر المرصودة هي مخاطر الإدارة للمحفظة الاستثمارية، ومخاطر تسييل المراكز، والتضخم ومخاطر تغير سعر الفائدة واستشارة غير الخبراء في الأسواق المالية.
وحول التوصيات الواجب أخذها بعين الاعتبار قال عيد: «في البداية يتوجب على المستثمرين أن يقوموا بتحديد نسبة الخسائر قبل دخول السوق، بحيث لا تزيد نسبة الخسارة على 8% وذلك ليتمكن المستثمر من المحافظة على أكبر قدر ممكن من رأس المال الأساسي، لكي يستطيع الدخول في فرص استثمارية جديدة تعوض الخسارة التي تكبدها بسبب الاستثمار الخاطئ.
وأضاف: «يجب المحافظة على نسبة الأرباح بحيث لا تقل عن 20% إلى 25%، وعند وجود شك في اتجاه السوق يصبح من الضروري جدا الاقتناع بالأرباح المحققة حتى وإن كانت قليلة، لأنه من الممكن أن يتراجع السهم لمنطقة يمكن للمستثمر الدخول بها مرة أخرى، وهذا بالطبع يعتمد على السوق، وعلى حركة السهم، وعلى مدى راحة المستثمر لعملية الشراء، والتي يمكن أن تكون مبنية على بيانات مالية أو تحاليل فنية.
وأضاف: «يعتبر تنويع الاستثمار عن طريق عدم التركيز على سهم واحد أو قطاع واحد بعينه، فالتنويع عنصر أساسي في الإستراتيجية العامة للاستثمار، فمن المهم جدا التنويع في الأسهم، وبمختلف القطاعات، وخصوصا القطاعات الكبيرة كقطاع البنوك، والعقار، والاستثمار، والقطاع الخدمي، وغيرها، مع متابعة ومراقبة أعمال وبيانات كل سهم على حدة، وذلك عن طريق قراءة القوائم المالية التي تصدر عن الشركة المتداول بسهمها، سواء كانت قوائم شهرية، أو ربع سنوية، أو نصف سنوية أو سنوية، ومقارنتها بالأشهر أو الأعوام السابقة».