الاخبار الاقتصادية

دبي الاقتصادي يوصي بتوفير مصادر بديلة عن المصارف لتمويل المشاريع الصغيرة

3208531

 

أطلق مجلس دبي الاقتصادي، أمس، بالتعاون مع شركة “بنسينت ماسونس”، و “زاوية” ومجلة “حس َُّمهىٌٌمَُّة” تقريراً شاملاً عن آلية تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بالتركيز على قانون الضمان المصرفي المطبق حالياً من قبل المصارف العاملة في مناطق دبي الرئيسية . ويهدف التقرير إلى معرفة فيما إذا كانت عملية الحصول على التمويل اللازم عائقاً أساسياً أمام عمل ونمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في دبي . أما الهدف الآخر فهو فهم الوضع القانوني الحالي فيما يتعلق بالضمانات المصرفية والإجراءات المرتبطة به، وبالتالي توفير خيارات لتخطيط وتقييم وتطبيق السياسات الكفيلة بتقديم التمويل الكافي والمناسب للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن توفير الحلول الممكنة لتلك التحديات من خلال إجراء تغييرات في الإطار القانوني والتنظيمي الحالي . بحسب جريدة الخليج

يستهل التقرير بالإشارة إلى أنه وطبقاً لبيانات دائرة التنمية الاقتصادية بدبي، تشكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة نحو 95% من مؤسسات الاعمال وتستأثر قرابة 42% من القوة العاملة في دبي، وبالرغم من أهمية هذه المنشآت لجهة تشكيل الناتج المحلي الإجمالي وفي التوظيف، إضافة إلى التصدير وغيرها من المؤشرات الاقتصادية الكلية والقطاعية، فإنها ما انفكت تواجه صعوبات عدة، خاصة فيما يتعلق بالحصول على التمويل الكافي والملائم لتعزيز رأسمالها والنهوض بإمكاناتها وتعزيز قدراتها التنافسية محلياً وعالمياً . وتوصل التقرير إلى استخلاص أساسي مفاده أن أكثر الطرق فاعلية والتي تتمكن من خلالها المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحصول على أكبر قدر ممكن من التمويل اللازم تتمثل بتطوير الإطار القانوني والتشريعي المرتبط بمعاملات الضمان المصرفي .

وشارك في إعداد التقرير عدد من الخبراء القانونيين والماليين، ضم: فريق مجلس دبي الاقتصادي: طارق حجيري مدير السياسات القانونية وكارا بنلال باحثة قانونية، ومراجعة من قبل د . إبراهيم البدوي مدير الاقتصاد الكلي والتنبؤ، وعرفان الحسني رئيس التحرير . وفريق شركة “بنسينت وماسونس” ضم: أمير أحمد، شريك ومدير ممارسات المصارف والتمويل في منطقة الخليج العربي، و مهدي علي، محام ضمن فريق الصيرفة والتمويل . وفريق مكتب “زاوية/ تومسون رويترز” وهم جين مارك بوفيكة، رئيس العمليات التشغيلية، و رابح سدار، إضافة إلى دعم من قبل و شانتانو فانسالكار مؤسس والرئيس التنفيذي لمجلة “حس َُّمهىٌٌمَُّة” لتصميم وطباعة التقرير .

تعزيز حركة الائتمان

 

وفي مناسبة إطلاق التقرير، صرح هاني الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، بأن التقرير يعد مصدراً مهماً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في الدولة حيث لا يقتصر على استعراض آلية تمويل هذه المنشآت فحسب، بل التعريف بشروط الضمان المصرفي والتحديات التي تواجه تلك المنشآت حينما تطلب الاقتراض من المصارف لتمويل نفقاتها التشغيلية ولأغراض التوسع . وأضاف: لعل أهم ما يميز التقرير الجديد هو شموليته إلى جانب تركيزه على أهم القضايا المتعلقة بعمليات الإقراض المخصصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في إمارة دبي .

وأكد الهاملي أن مجلس دبي الاقتصادي أولى اهتماماً استثنائياً بموضوع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومحددات نموها . فقد أجرى المجلس قبل أكثر من عامين المسح على مستوى المنشأة (سج) شمل مئات المنشآت العاملة في دبي في المناطق الحرة ودبي الرئيسية، وقد توصل المسح إلى أن التمويل يشكل إحدى تلك المحددات في عمل ونمو المنشآت، وأن ثمة حاجة إلى إجراء إصلاحات تشريعية وتنظيمية من شأنها أن تعزز حركة الاستثمار المحلي والأجنبي في هذا القطاع الحيوي .

وأفاد الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي أن وجود نظام مالي شامل ومتكامل يعد مسألة أساسية لمختلف أصحاب العلاقة وخاصة بالنسبة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة . وأضاف: لقد كشفت التجارب المحلية والعالمية أن هذه المنشآت عادة ما تعتمد على مواردها المحلية المحدودة للاستثمار في عملياتها التقليدية، ولكن متى ما عزمت – هذه المنشآت – على التوسع من أجل تعزيز مكانتها في السوق المحلية والخارجية، فإنها لا بد أن تحتاج إلى تمويل إضافي . من هنا، فإن السياسات والإصلاحات التي تقوم بها المصارف باتجاه تذليل الصعوبات التي تعتري طلب المنشآت المذكورة للاقتراض تعد أمراً حاسماً في الموضوع .

وأضاف الهاملي: لقد نجحت دبي في تشريع عدد من الإصلاحات خلال فترة قصيرة من الزمن انطوت على تقديم الدعم المالي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأن مجلس دبي الاقتصادي وفي إطار مهامه في متابعة التطورات الحاصلة في السوق المحلية، وإبداء المقترحات والمبادرات المبنية على الدراسات والمسوحات لتعزيز صناعة القرار الاقتصادي في دبي يولي اهتماماً كبيراً بالقضايا المتصلة بعمل ونمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الامارة بما في ذلك الفرص المتاحة مقابل التحديات التي تواجه تلك المنشآت في طريقها إلى النمو والتوسع، ولعل من اهم تلك القضايا هي التمويل .

 

المنهجية

 

 

تعتمد منهجية التقرير على مسح شمل 18 مصرفاً عاملاً في دولة الإمارات، تركز على ممارسات الإقراض الحالية إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة . كما تعرض إلى تقييم العوامل والمعوقات أمام عملية إقراض المنشآت المذكورة . وينقسم التقرير إلى خمسة فصول رئيسية . يستعرض الفصل الأول قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات، من حيث تعريفها بموجب القانون والذي يعتمد في تصنيفه لتلك المنشآت على نوع القطاع أو النشاط الذي تعمل فيه (التجارة، التصنيع، الخدمات)، إضافة إلى حجم العمالة ورأس المال التشغيلي . ويشير التقرير إلى أن القانون الذي ينظم نشاط المنشآت الصغيرة والمتوسطة في دبي يأخذ في الاعتبار درجة استقلالية المنشأة . ويذكر أن ذلك يساعد البنوك على تفهم الموقف المالي الفعلي للمنشآت .

وفيما يتعلق بموقع الإمارات على خريطة المنشآت الصغيرة والمتوسطة الدولية، يشير التقرير إلى أن دبي ودولة الإمارات قد قامت طوال السنوات الماضية بالتدخل المباشر في السوق من أجل تطوير حركة التمويل لتلك المنشآت وذلك من خلال إنشاء مؤسسات تعنى بهذه المنشآت مثل “مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة” إحدى مؤسسات دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، مؤكداً أن ذلك قد ساهم في تحقيق قفزة نوعية في أداء تلك المنشآت . كما أن القانون الاتحادي قد دعا إلى إجراء إصلاحات في مجال تمويل المنشآت .

 

المخاطر وقلة كفاءة الإدارة

 

أما بخصوص التحديات الحالية التي تواجهها المصارف عند إقراضها للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فإن ثلثي المصارف التي استجابت للمسح قد ذكرت أن المخاطر العالية المرتبطة بعمل تلك المنشآت هي من بين أهم الأسباب التي تجعلها ترفض الإقراض . كذلك ثمة مؤشرات مثل “كفاءة الادارة” و”طول عمل المشروع” عادة ما تستخدمها المصارف لقياس مخاطر فشل المنشأة . كما أن نحو ربع المصارف العينة تشير إلى أن السبب الرئيسي لرفضها طلب الحصول على القروض ينسب إلى نقص رأس المال العامل وضعف المركز المالي للمنشآت .

أما الفصل الثالث فيستعرض شروط الضمانات المصرفية في مناطق دبي الرئيسية . ويشير التقرير إلى القانون الإماراتي من حيث إن المصارف والمؤسسات المالية عادة ما تطلب رهناً على النشاط الذي تزاوله المنشأة مدعوم بإجراءات أصولية عن طريق المحاكم . وقد يستخدم رهن المشروع التجاري لضمان الأصول المنقولة وغير المنقولة التي تكون بحيازة المنشأة (غير الأراضي التي تمتلكها المنشأة في مناطق التملك الحر) . ومن بين أنواع الرهونات ما يلي: المخزون التجاري، الاسم والعلامة التجارية للمنشأة، السيرة، حقوق الملكية الفكرية، الفائدة على الاستئجار، إضافة إلى المعدات والمكائن والأجهزة .

أما الفصل الرابع فيتناول التحديات والمعوقات المرتبطة بضمانات الإقراض، فيما ينطوي الفصل الخامس والأخير على مجموعة من التوصيات المتعلقة بالإطار التنظيمي لضمانات الإقراض .

 

التوصيات

 

وأوصى التقرير بتطوير نظام المعاملات المصرفية المضمون في الدولة، بما يتطلب ذلك إجراء تعاون مكثف بين الحكومة والمؤسسات المالية، حيث إن الآثار والمزايا المترتبة على السماح للشركات باستخدام أصولها المنقولة كضمان مقابل القروض التي تحصل عليها من دون حاجة الدائنين إلى حيازة تلك الأصول ستكون كبيرة، كذلك من مزايا ذلك النظام هو تعزيز الاستقرار المالي، وبالتالي تقوية النظام المالي، بما في ذلك تعزيز تنويع الائتمان .

ودعا إلى توفير مصادر أخرى لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتلافي مشكلة الضمانات التي تطلبها المصارف عادة عند منح القروض وطالب بتفعيل مكتب المعلومات الائتمانية .

كما أوصى بتأسيس المسجل المركزي: لتسجيل أصول المنشآت والضمانات التي تقدمها للمصارف، تأسيس جهة خاصة ضمن محاكم دبي للتعاطي مع إجراءات الضمانات المصرفية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ونشر تفاصيل النشاط التجاري للمنشآت في الصحف المحلية “العربية” قبل قيام المنشآت بتسجيل رهنها، وذلك لكي تطلع المصارف الدائنة عليها .

 

مقارنة بين الإمارات ودول إقليمية

 

استعرض التقرير أهم الإصلاحات القانونية والتنظيمية في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، مثل تأسيس مكتب المعلومات الائتمانية في عام 2011 والذي يكفل توفير معلومات مفصلة عن الوضع المالي للمنشآت – الصغيرة أو المتوسطة – قبل منحها الائتمان، وذلك من أجل معرفة جدارتها الائتمانية وقدرتها على تسديد ما بذمتها من التزامات مع البنوك . أما الإصلاح الأحدث فهو القانون الاتحادي رقم 2 لعام 2014 حول المنشآت الصغيرة والمتوسطة والذي وفر حوافز جمة، بهدف مساعدة تلك المنشآت (الوطنية) على تعزيز مشاركتها في الأسواق المحلية وفي الناتج المحلي الإجمالي .

وتناول الفصل الثاني تقييماً لممارسات الإقراض الحالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك تبيان لأهم التحديات التي تواجه تلك المنشآت، حينما تطلب قروضاً من المصارف، حيث استهل الفصل بتصميم ومنهجية التقرير التي تعتمد على مسح المصارف . وتفيد نتائج المسح أن الإقراض المصرفي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة يشكل نسبة متواضعة من إجمالي الإقراض، وأن أكثر من نصف المصارف التي شملها المسح تشير إلى أن القروض التي منحتها للمنشآت المذكورة تشكل فقط 0 – 10% من محفظتها الإقراضية . كما تفيد النتائج أن هذه النسبة المتواضعة تقابلها نسبة كبيرة بالنسبة للقروض الممنوحة للمنشآت الكبيرة نظراً لحاجة هذه الأخيرة إلى رأسمال أكبر في تسيير عملياتها التشغيلية، وبالتالي طلبها لمقادير أكبر من القروض . كما تشير نتائج المسح إلى أن أكثر من 82% من القروض المصرفية كانت مضمونة بالأصول .

ويكشف المسح أن أقوى الأصول التي تقبلها المصارف كضمانات إزاء القروض التي تمنحها للمنشآت الصغيرة والمتوسطة هي العقار، ومن ثم الإيرادات . وفي هذا السياق يفيد تقرير آخر لمجلس دبي الاقتصادي أنه نظراً لهذا الأمر، فإن عدم إمكانية حصول المنشآت على الأراضي والعقارات أصبح يشكل تحدياً مباشراً للحصول على القروض الكافية من الجهاز المصرفي المحلي . كذلك من بين الضمانات الأخرى التي تطلبها المصارف هي “الضمانات الشخصية او المصرفية” إضافي إلى سائر الاستثمارات من قبيل الودائع الثابتة والأسهم المدرجة، والأصول الأخرى كالمعدات الثقيلة . علاوة على ذلك، فقد ابدت بعض المصارف تحفظاتها حينما تقوم بالإقراض بضمان أصول موجودة في خارج الدولة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى