سوق السندات فى الخليج يحقق أداء متميزا متجاهلا هبوط أسعار النفط
رغم هبوط أسعار النفط لأدنى مستوياتها فى أربع سنوات فإن سوق السندات فى الخليج حقق أداء أفضل من معظم الأسواق الأخرى فى أنحاء العالم، وهو ما يظهر ثقة المستثمرين فى المنطقة. ويشكل إنتاج النفط والغاز نحو نصف الناتج الاقتصادى فى دول مجلس التعاون الخليجى الست وحوالى ثلاثة أرباع الصادرات ونسبة أعلى للإيرادات الحكومية. لذا فإنه إذا استمر خام القياس العالمى مزيج برنت قرب 80 دولارا للبرميل فى معظم العام المقبل انخفاضا من 115 دولارا فى يونيو فإن المالية العامة لمصدرى النفط فى الخليج ستتضرر، وربما تسجل السعوية عجزا فى الميزانية حيث يقدر صندوق النقد الدولى أن المملكة تحتاج إلى متوسط سعر للنفط عند 91 دولارا للبرميل لتحقيق توازن ميزانيتها العام المقبل. لكن أسعار السندات الخليجية فى معظمها استمرت قوية منذ يونيو لسببين، الأول هو أن معظم المستثمرين والخبراء الاقتصاديين يعتقدون أن الاقتصادات العربية الخليجية الكبيرة لا تواجه خطرا جديا فلديها احتياطيات مالية ضخمة تمكنها من مواصلة الإنفاق لأعوام مقبلة، إضافة إلى دين عام ضئيل للغاية ويشهد القطاع الخاص فيها نموا قويا. والسبب الثانى هو أن الصناديق ومؤسسات الاستثمار الخليجية لديها كميات كبيرة من الأموال السائلة نتيجة للازدهار الاقتصادى فى المنطقة، وتشعر بالسعادة وهى تضخ تلك الأموال فى شراء سندات محلية بينما يرغب المستثمرون الأجانب فى البيع. وبناء على ذلك فإن بعض المستثمرين الدوليين ينظرون إلى السندات الخليجية كأدوات استثمار مأمونة رغم تأثر المنطقة بشدة بأسعار النفط إضافة إلى عدم الاستقرار من الناحية الجيوسياسية. وقال سيرجى ديرجاتشيف مدير محافظ سندات الأسواق الناشئة لدى “يونيون إنفستمنت بريفاتفوندز” فى ألمانيا والتى تدير سندات أسواق ناشئة بنحو عشرة مليارات يورو “أحب سندات الخليج كثيرا وأعتقد أنها أدوات مأمونة بشكل كبير لمحافظ سندات الأسواق الناشئة.” ويقول بعض المستثمرين إنه من المفارقات أن سندات الخليج التى ربما تكون أكثر عرضة لمخاطر فى الأشهر القادمة هى سندات دبى التى لا تملك صناعة نفط رئيسية، ويرجع ذلك إلى أن التعافى القوى لقطاع العقارات فى دبى ولاقتصاد الإمارة على مدى العامين السابقين جعل سنداتها مقومة أعلى كثيرا من قيمتها الفعلية. وتسبب هبوط أسعار النفط فى بعض التقلبات فى الأسواق المالية الخليجية، فتراجعت أسهم شركات البتروكيماويات السعودية وشهد سوق الصرف الأجنبى فى المملكة تدفقات كبيرة إلى الخارج على عكس المعتاد وهو ما أدى إلى تداول الريال فى السوق الفورية فوق سعر ربطه بالدولار عند 3.75 ريال مقابل الدولار وتراجعه فى سوق التعاملات الآجلة. لكن الأسعار فى التعاملات الآجلة على العملات الخليجية والتأمين على القروض لم تظهر ضغوطا فى السوق مماثلة لما حدث فى عام 2008 حينما أطلقت الأزمة المالية العالمية هبوطا أكبر كثيرا فى أسعار النفط. وحققت السندات الخليجية أداء متميزا، وارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز” لسندات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 1.64% منذ بداية الربع الحالى مع هبوط قدره 1.56% لمؤشر “ستاندرد آند بورز/سيتى جروب” لسندات الخزانة الأمريكية. وقال مديرو صناديق إن كميات بسيطة من الأموال الأجنبية سحبت من السندات الخليجية منذ أن بدأت أسعار النفط فى التراجع ويرجع ذلك بشكل رئيسى إلى الأحداث الجيوسياسية مثل صعود تنظيم الدولة الإسلامية وليس لأحداث اقتصادية. وتم تعويض هذا البيع بسهولة من خلال تدفق أموال جديدة من الصناديق المحلية ذات السيولة المالية الوفيرة والتى من المرجح أن تحتفظ بالسندات على الأجل الطويل وهو ما يقلص من تقلباتها. وفى تقرير صدر هذا الأسبوع قالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الإئتمانى إن انخفاض أسعار النفط “ربما يقلص النمو الاقتصادى فى دول مجلس التعاون الخليجى ويضعف أوضاع التشغيل فى قطاعى الشركات والبنية التحتية.” لكن ستاندرد آند بورز ليس لديها حاليا نظرة مستقبلية سلبية لأى دولة من دول مجلس التعاون الخليجى الست ولا يزال بعض المستثمرين يعتقدون أن المخاطر التى تتهدد التصنيفات الإئتمانية لدول الخليج ليست ذات أهمية مقارنة مع الضغوط الاقتصادية فى أنحاء أخرى من العالم.