“صندوق النقد” يوصي الإمارات بالسحب التدريجي للمحفزات المالية
أكد صندوق النقد الدولي أن حكومة الإمارات وافقت على وجود حاجة لاعتماد تدابير إضافية لحماية قطاع العقارات، وأكدوا نيتهم واعتزامهم تعزيز أداء الشركات شبه الحكومية بصورة أكبر في المرحلة المقبلة .
وقال الصندوق في تقرير المادة الرابعة بالتشاور مع سلطات الإمارات إن حكومة الدولة وافقت على اعتماد تدابير إضافية بما فيها زيادة رسوم التسجيل العقاري، وأنها لفتت إلى اعتزامها انتهاج نظام تدريجي في طرح المشاريع الجديدة الضخمة، وزيادة مرونة خططها بما يتماشى والتغيرات في التوقعات الديموغرافية .
وفيما يخص خدمة ديون الشركات شبه الحكومية قال الصندوق إن السلطات لفتت إلى أن الشركات شبه الحكومية تدرس حالياً خيارات إعادة التمويل بما في ذلك سداد الالتزامات المالية قبل موعدها وتنويع مصادر التمويل، وزيادة آجال الاستحقاق للاستفادة من تراجع معدلات الفائدة عالمياً .
قال الصندوق إن حكومة الإمارات أكدت الوضع المالي الصحي للشركات شبه الحكومية، وعلى اعتزامها تعزيز الكفاءة التجارية لبقية الشركات شبه الحكومية .
وأكد التقرير من جهة أخرى قوة التعافي الاقتصادي للإمارات مع توقعات بارتفاع معدل النمو للاقتصاد غير النفطي إلى 5 .5% هذا العام، وتسجيل مستويات نمو موازية في السنوات المقبلة في ظل استقرار الأداء الاقتصادي العالمي، ومع وضع الدولة كملاذ آمن في المنطقة وعودة الثقة في متانة الأسس الاقتصادية، إضافة إلى استضافة “إكسبو 2020” .
وأوصى الصندوق بالسحب التدريجي للمحفزات المالية قائلاً إنه سيكون مناسباً في الوقت الحاضر لإدارة الطلب ووصول مستوى الإنفاق إلى درجة تسمح بادخار جزء أكبر من الثروة النفطية للأجيال القادمة .
نمو الائتمان للقطاع الخاص
ولفت من جهة أخرى إلى أهمية إبقاء نمو الائتمان للقطاع الخاص، والذي شهد نمواً لافتاً في الآونة الأخيرة، قيد المراقبة والإشراف لتشديد سياسات الإقراض في حال ارتفع مستوى الائتمان الخاص بسرعة زائدة للحد من المخاطرة .
وأوصى الصندوق كذلك السلطات بالبناء على التحسن في الإحصاءات والبيانات على مستوى ميزان المدفوعات ووضع الاستثمارات الخارجية، إضافة إلى الإحصاءات الديموغرافية وتلك المتعلقة بأسواق العمل والتزامات الشركات شبه الحكومية .
وأكد الصندوق من جهة أخرى متانة أداء القطاع المصرفي للدولة مع متوسط ملاءة مالية وصل إلى 3 .18% في مارس 2014 ووصول تغطية المخصصات على القروض المتعثرة في التاريخ نفسه إلى 1 .102% .
8 .4% معدل النمو
وتوقع أن يسجل اقتصاد الدولة معدل نمو 8 .4% هذا العام مرجحاً أن يحافظ على معدل نمو لا يقل عن 5 .4% في السنوات المقبلة . ورجح أن يصل نمو القطاع غير النفطي في الدولة إلى 5 .5% هذا العام وفي الأعوام التالية .
وقال إن خطط السياسات المالية متوسطة الأجل للدولة تبدو مناسبة في المرحلة الراهنة، لافتاً إلى أهمية إعادة توازن الإنفاق عبر مثلاً خفض الدعم على الكهرباء والمياه والحد من زيادات الأجور والرواتب لزيادة توازن الميزانية وتحسين جاذبية القطاع الخاص للمواطنين .
وشدد فريق الصندوق من جهة أخرى على أهمية تعزيز الدور الرقابي والإشرافي “للمركزي” بما في ذلك تقارير للاستقرار المالي وتقييم المخاطر . ورحب الصندوق بجهود “المركزي” ومبادرته لإطلاق مؤشر جهد للاستقرار المالي .
ولفت من ناحية أخرى إلى أن سلطات الإمارات صعدت تطبيقها لمعايير “بازل3” .
ومن أبرز التوصيات الأخرى للصندوق تشجيع المواطنين على الانخراط في القطاع الخاص وتطوير أسواق الدين المحلية لتوفير مصدر بديل للتمويل يدعم أدوات إدارة السيولة لدى البنوك .
نتائج اختبار الضغط لاقتصاد الإمارات
أظهرت اختبارات الضغط لاقتصاد الإمارات في ظل سيناريوهات متعددة أن الاقتصاد قادر على الحفاظ على مستوى نمو 6 .4% في ظل السيناريوهات المختلفة حتى عام 2019 وتتضمن سيناريوهات الصندوق تراجع أسعار النفط وسيناريو أزمة في قطاع العقارات، وسيناريو يجمع الاثنين .
وفي ظل السيناريو الأخير وهو الأسوأ توقع الصندوق أن يسجل الاقتصاد عجزاً اعتباراً من 2015 بنسبة 5 .1% من الناتج المحلي مقابل فائض متوقع بنسبة 6 .7% في ،2014 وتوقع في ظل السيناريو الأسوأ أن يصل عجز الموازنة إلى 7 .4% من الناتج المحلي بحلول عام 2019 .
زيادة تدفقات السيولة تعكس تحسن الثقة
قال الصندوق إن الزيادة اللافتة في تدفقات السيولة مع النمو القوي في قطاعي الأسهم والعقارات تعكس تحسن مستوى الثقة في اقتصاد الدولة مع تنامي شهية المستثمر الأجنبي لإصدارات دبي من الدين ولأسواقها .
وأضاف أن حجم استثمار الصناديق والمحافظ العالمية في أسهم دبي تضاعف 4 مرات منذ نهاية عام 2012 . وقال إن السندات والأسهم سجلت تدفقات صافية منذ إبريل ،2014 كما قال إن التدفقات للبنوك المحلية زادت بدورها وتواصل الارتفاع، حيث زادت الالتزامات الخارجية بنحو 32% في 20013 (28 مليار دولار) . كما تعافت المطالبات الخارجية ضمن القطاع المالي غير المصرفي في الإمارات بشكل لافت .
تحسن الوضع المالي لدبي
أكد صندوق النقد الدولي استدامة وضع الالتزامات المالية لحكومة دبي مع التحسن في الوضع المالي للإمارة وفاعلية نهجها في معالجة التزامات الشركات شبه الحكومية .
وتوقع الصندوق، ضمن سيناريو معتدل، أن يتراجع حجم الالتزامات المالية لدبي من 7 .41% من الناتج المحلي في 2014 إلى 2 .36% بحلول عام 2019 .
خفض العجز
قال صندوق النقد الدولي إن سحب المحفزات المالية يمكنه أن يسهم في خفض العجز المالي المتوقع من 10% من الناتج المحلي غير النفطي في 2013 إلى 5% في 2019 . وذلك بناء على سيناريو معتدل .
وأضاف أنه في ظل سيناريوهات أخرى تفترض مثلاً تراجعاً في العائد على الأصول أو في أسعار النفط فإن تراجع العجز يمكن أن يصل إلى 2% في 2019 .
أما تراجع النمو في عدد السكان فيمكن أن يضيف ما بين 4 إلى 5 .4% على التوالي إلى السيناريو المعتدل .
وقال إن سحب المحفزات يمكن أن يخفض سعر التوازن النفطي لميزانية الدولة من 84 دولاراً للبرميل في 2013 إلى 92 دولاراً للبرميل في 2019 .
3 مناصب مختلفة المتوسط لأعضاء مجالس إدارات البنوك
قال الصندوق إن بنوك الإمارات المحلية وعددها 20 بنكاً لديها إجمالي أعضاء مجالس إدارة يصل عددهم إلى 162 عضواً لديهم 492 صفة في مؤسسات أخرى بمتوسط 3 مناصب لكل عضو في مجالس إدارات البنوك .
وأضاف قائلاً إن 109 من أعضاء مجالس إدارات البنوك لديهم مناصب مباشرة في مؤسسات تملك حصص أغلبية في هذه البنوك و40 عضواً لهم صلة بمؤسسات يمكن أن يكون لديها علاقة غير مباشرة مع مؤسسات لها حصص أغلبية في هذه البنوك . في حين أن 13 من أعضاء مجالس إدارات البنوك المحلية لهم مناصب في البنوك نفسها .
وخلص إلى أن بنوك الإمارات لديها 18 مؤسسة مساهمة يمكنها أن تقوم بتعيين أعضاء مجالس الإدارات . وقال إنه وفي ظل كل ما تقدم يمكن القول إن هذه الشبكة الضخمة من المؤسسات المتشابكة وحملة الأسهم وأعضاء مجالس الإدارات يمكن أن تشكل تحدياً على مستوى موضوعية واستقلالية عملية اتخاذ القرار في البنوك المحلية .
تشريعات تسهم في إبطاء نمو القطاع ودرس رسوم إضافية على مبيعات الخريطة
“الصندوق”: حكومة دبي تعتزم إصدار قانون جديد للعقارات
دبي – عبير أبوشمالة:
ركز الصندوق ضمن تقرير المادة الرابعة على أداء القطاع العقاري في الدولة، لافتاً إلى أهمية إبقاء تطورات القطاع قيد المتابعة والمراقبة الوثيقة من قبل السلطات المعنية، واتخاذ المزيد من التدابير للحد من أنشطة المضاربة في القطاع .
وقال الصندوق إن قطاعي الوحدات السكنية ومرافق الضيافة شهدتا نمواً قوياً في دبي، وإن تراجع زخم النمو نسبياً على مدى الأشهر الأخيرة، في حين كان النمو في القطاع التجاري أبطأ، إلا أنه أكد أن نمو القطاع العقاري مدعوم بأداء قياسي لاقتصاد دبي الذي بات اليوم أكثر حصانة تجاه الصدمات الخارجية .
طرح الصندوق عدداً من التدابير التي يمكن أن تكون مناسبة، وضرب عدة أمثلة لدول أخرى خاضت تجارب مشابهة واعتمدت تدابير مختلفة للحد من أنشطة المضاربة في قطاع العقارات مثل هونغ كونغ وكوريا وسنغافورة .
وقال الصندوق إن السلطات في الدولة اتخذت تدابير مهمة في مواجهة مخاطر المضاربة في القطاع العقاري، وأضاف أنه سيكون من المناسب اتخاذ المزيد من التدابير على المستوى المالي لاستيعاب النمو القوي في القطاع، خاصة في حال ظهرت دلائل على تسارع إعادة بيع العقارات والتداول السريع لها .
ولفت تقرير المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي والصادر، أمس، إلى أن التعافي السريع في بعض الشرائح العقارية في الإمارات، وبخاصة العقارات السكنية في دبي، لعب دوراً مهماً في تعزيز النمو الاقتصادي بصفة عامة .
وقال إن التحضيرات لاستضافة “إكسبو 2020” تعني تنامي نشاط القطاع بصورة أكبر في الأعوام المقبلة، ولفت إلى أهمية تنسيق المشاريع العقارية الضخمة الجديدة المتوقعة في السنوات المقبلة وطرحها بعناية، بحيث لا تزيد من مخاطر تصحيح حاد في قطاع العقارات .
تراجع حصة الإنشاءات في الناتج
وأكد الصندوق أن حصة قطاع الإنشاءات من اقتصاد دبي بات اليوم أقل بكثير منه خلال الأزمة، حيث لم تزد في 2013 على 8% من اقتصاد دبي، مقابل حصة بلغت نحو 14% في 2008 . وقال إن النمو الاقتصادي في دبي بات يعتمد على قاعدة أوسع وأكثر تنوعاً من القطاعات الرئيسية، الأمر الذي عزز من حصانة اقتصاد الإمارة تجاه الصدمات الخارجية .
لكنه لفت إلى أن تعرض قطاع العقار لأزمة نتيجة نمو مطرد وقوي في أنشطة المضاربة على مستوى الوحدات السكنية يمكنه أن ينعكس سلباً على النمو الاقتصادي، ما يؤكد أهمية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية القطاع والاقتصاد ككل من مخاطر نشوء فقاعة في أسعار الأصول العقارية .
وأكد الصندوق أن سلطات دبي تقوم حالياً بمراجعة شاملة لسوق البيع على الخريطة، وأنها بصدد إصدار قوانين وتشريعات إضافية يمكنها أن تسهم في إبطاء النمو في أسعار العقارات في الأشهر المقبلة . وقال إن حكومة دبي تدرس إمكانية طرح رسوم إضافية على المبيعات على الخريطة .
وأضاف مؤكداً أن حكومة دبي من المتوقع أن تقوم بطرح عقود بصيغة جديدة أكثر بساطة للمعاملات العقارية، وأنها تعتزم إصدار قانون عقارات جديد يسهم في حماية حقوق كل من البائع والمشتري .
وأكد أن حكومة دبي تأخذ كذلك في الاعتبار تطوير مؤشر لأسعار العقارات السكنية يسهم في إعطاء صورة شاملة عن تحركات الأسعار في سوق العقارات السكنية في الإمارة .
نماذج عالمية
استعرض التقرير تجارب دول أخرى واجهت ازدهاراً مماثلاً في أنشطة القطاع العقاري وحرصت على حمايته من المضاربة، فاعتمدت تدابير أثبتت نجاعتها . ومن هذه الدول كوريا وهونغ كونغ وسنغافورة .
وتحدث عن التدابير التي اعتمدتها هذه الدول ومن بينها زيادة رسوم توثيق وتسجيل العقارات، وبخاصة على العقارات التي يتم إعادة بيعها خلال وقت قصير من الشراء . ومن التدابير الأخرى خفض سقف الإقراض إلى قيمة العقار، وطرح حدود لنسبة الانكشاف على قطاع العقارات، وزيادة نسب المخاطرة على القروض العقارية والقروض الشخصية، وزيادة المخصصات العامة وزيادة المعروض من الأراضي .
وقال التقرير إن التدابير الأكثر نجاعة كانت غالباً هي المتعلقة بزيادة الرسوم، كما هو الحال بالنسبة لسنغافورة . ولفت إلى أن التدابير الأخرى المتعلقة بالقطاع المصرفي لعبت دوراً مهماً كذلك في الحد من المخاطر المتعلقة بالبنوك وحمايتها .
ولفت إلى أن هذه التدابير كانت تشدد بصورة أكبر ولمرات متعددة مع تواصل الضغوط الناتجة عن ارتفاع أسعار الوحدات السكنية .
توصيات الصندوق
أوصى صندوق النقد الدولي باعتماد تدابير إضافية لحماية قطاعي العقارات والمصارف في الدولة من أية أزمات تنتج عن النمو المفرط في أنشطة القطاع العقاري .
وقال إن رفع الرسوم على المعاملات العقارية يمكن أن يكون مفيداً للسوق، خاصة أنه يعتمد إلى عدد كبير على المعاملات النقدية . وإن لفت إلى أهمية عدم رفع الرسوم بصورة كبيرة حتى لا يثبط ذلك الطلب الحقيقي على العقارات . ونصح برفع الرسوم على عمليات إعادة البيع السريع للوحدات السكنية بعد وقت قصير من شرائها كحل للحد من أنشطة المضاربة في القطاع .
كما لفت إلى أهمية طرح رسوم إضافية على إعادة بيع العقارات على الخريطة بما يسهم في حماية القطاع من أنشطة المضاربة، دون أن يقمع النمو الصحي للقطاع . وقال إن رفع رسوم المعاملات العقارية يمكن أخذه بعين الاعتبار كأداة فعالة في الحد من الطلب بغرض المضاربة في الإمارات .
وأضاف الصندوق قائلاً: إن طرح وفرض حدود على نسب الإقراض إلى قيمة العقار يمكن أن يسهم بدوره في الحد من أنشطة المضاربة ويحد من انكشاف القطاع المصرفي على سوق العقارات . وقال إن الإمارات طرحت بالفعل سقفاً للإقراض إلى قيمة العقار، إلا أنه لفت إلى أن الحدود المفروضة يمكن تشديدها بصورة أكبر بناء على التجارب المطبقة في دول أخرى، وبخاصة في حال ارتفعت الأسعار بصورة لافتة، وفي حال زاد مستوى الرهون العقارية .
وقال الصندوق إن تدابير أخرى مثل رفع متطلبات الرسملة وزيادة أوزان المخاطرة على ديناميكيات أسعار العقارات يمكن أيضاً أن تكون مفيدة لحماية القطاع المصرفي .