الاخبار الاقتصادية

تقرير: برنامج «استأجر لتتملك» يكاد يختفي من السوق العقاري في الإمارات

3240698

 

على الرغم من مزايا وإيجابيات برنامج استأجر لتتملك (RENT TO OWEN ) الذي طرحته الشركات العقارية عقب الأزمة المالية العالمية التي ظهرت تداعياتها على السوق العقاري في أبوظبي بعد عام 2010 إلا أن هذا البرنامج يتراجع حالياً ويكاد يختفي من السوق، بعد أن أوقفت شركة الدار أكبر شركات التطوير العقاري في أبوظبي البرنامج بسبب انتعاش البيع الفوري (الكاش) وزيادة السيولة وتزايد الطلب على المشاريع الحالية والجديدة وخاصة المشاريع التي مازالت على الخريطة.بحسب جريدة البيان

 

البرنامج لاقى إقبالاً جيداً وحقق المشترون (المستخدمون النهائيون) فوائد كبيرة منه، كما ساعد الشركات على تخطي الصعوبات المالية التي واجهتها، وزاد من الكثافة السكانية في المناطق الجديدة في أبوظبي خاصة جزيرة الريم وشاطئ الراحة، إلا أن أوضاع السوق العقاري والمالي الحالية لا تساعد على استمراره.

 

«البيان الاقتصادي» في هذا التحقيق يبحث في فوائد هذا البرنامج، والأسباب التي أدت إلى انتعاشه، والصعوبات التي يواجهها وتؤدي إلى اختفائه من السوق تدريجياً.

 

نشاط البرنامج

 

طبق برنامج « استأجر لتتملك » في أبوظبي في مناطق التملك الحر التي أتاحتها حكومة أبوظبي لغير المواطنين مثل مناطق جزيرة الريم وجزيرة الماريا (الصوة سابقاً) ومنطقة شاطئ الراحة. ونشط البرنامج خلال سنوات 2010 و2011 و2012 حيث نظمت شركتا صروح والدار حينذاك حملة إعلامية قوية للتعريف بالبرنامج ومزاياه، وامتلأت شوارع مدينة أبوظبي الرئيسية بالإعلانات عن هذا البرنامج.

 

وشهد البرنامج إقبالاً كبيراً من المقيمين في أبوظبي، حيث تنافسوا على التعاقد مع الشركتين لشراء وحدات في برجي صن وسكاي تاورز في جزيرة الريم ووحدات سكنية في مشاريع البندر والمنيرة والزينة في شاطئ الراحة، وبلغت نسبة الإقبال على البرنامج حينذاك نحو 40% مقابل 25% للشراء الفوري.

 

وتنوعت أشكال العقود لهذا البرنامج، فهناك مستثمرون ومقيمون قاموا بتأجير الوحدة السكنية لمدة سنة أو سنتين أو ثلاث ثم قاموا بشرائها في نهاية العام الثالث، وقد تم خصم 90% من قيمة الإيجار السنوي من مبلغ البيع النهائي، بينما تم تخصيص 10% من قيمة الإيجار على مدى العام أو العامين أو الثلاثة أعوام كمصاريف إدارية، وكانت النسبة الغالبة على العقود سنتي إيجار ثم البيع والتمليك النهائي، ولم تزد العقود عن ثلاث سنوات إيجار.

 

وقد التزمت شركة الدار بعد اندماجها مع شركة صروح بتنفيذ العقود بحذافيرها مع المشترين وسلمت الوحدات كاملة للمشترين دون أية إضافات مالية. وشاركت في هذا البرنامج بشكل كبير شركتا صروح والدار بينما لم تطبقه شركة طموح باعتبارها المطور الرئيسي لجزيرة الريم، حيث اقتصر عملها على بناء أبراج مارينا سكوير والبنية التحتية للجزيرة، وباعت وحدات أبراجها لشركات وليس لأفراد، وقامت هذه الشركات لاحقاً بتطبيق برنامج استأجر لتتملك.

 

وقف البرنامج

 

يؤكد لنا طلال الذيابي المدير التنفيذي لإدارة الأصول في شركة الدار العقارية في أبوظبي على أن الشركة توقفت عن العمل بهذا البرنامج بعد تحسن السوق العقاري في أبوظبي، حيث انتعشت مبيعات الوحدات السكنية بمشاريع الشركة.

 

وينوه إلى أن الشركة عملت بهذا البرنامج تماشياً مع حالة السوق حينذاك، حيث لم تكن السيولة في وضع جيد، كما أن الفائدة التي فرضتها البنوك على قروض التمويل العقاري كانت مرتفعة، وشكلت مصدر شكوى للمستثمرين والمشترين.

 

وذكر أن الشركة طبقت هذا البرنامج في مشاريع برجي صن وسكاي تاورز في جزيرة الريم ومشاريع شاطئ الراحة وخاصة البندر والمنيرة والزينة.

 

السوق يتغير

 

حالة السوق العقاري اليوم في أبوظبي مختلفة تماماً عن أعوام 2010و 2011 و2012 وهي الأعوام التي شهدت الإقبال المتزايد على برنامج « استأجر لتتملك»، ففي هذه السنوات كان المعروض من الوحدات السكنية هو المسيطر على سوق أبوظبي خاصة بعد انتهاء مشاريع أبراج ومبان ضمت عشرات الآلاف من الوحدات السكنية، بينما كان الطلب يتراجع بسبب تشدد البنوك في عمليات التمويل، إضافة إلى حالة الخوف والقلق التي كانت تنتاب المشترين والمستثمرين من تداعيات الأزمة المالية العالمية على أسواق الإمارات وخاصة أبوظبي.

 

ويلتقط مسعود العور الرئيس التنفيذي لشركة تسويق للتطوير والاستثمار العقاري في أبوظبي خيط الحديث مؤكداً أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت شركات التطوير العقاري الكبرى في أبوظبي إلي نظام «استأجر لتتملك» هو تراجع المبيعات بشكل كبير خلال هذه السنوات.

 

صيغ متعددة

 

ويحتاج سوق أبوظبي العقاري كما يؤكد مسعود العور لأكثر من صيغة وبرنامج للبيع مثل البيع الفوري (الكاش) أو البيع بالتقسيط أو التأجير الذي ينتهي بالتملك أو التأجير، لأن وجود أكثر من برنامج وآلية تحمي السوق وتجعله أكثر صموداً لأية هزات أو أزمات، والسوق في أبوظبي مازال يحتاج إلى فترة أطول للاستقرار الكامل تعطي للعملاء الفرصة الكاملة لاختيار أفضل مايرونه، وبلاشك فإنه من الأفضل لكل شركة بأن تنوع محفظتها العقارية بين كل هذه البرامج، حتى لو تذبذبت الإيجارات وتراجعت بسبب أوضاع السوق يكون لديها البيع أو التأجير الذي ينتهي بالتملك، كما أن هذا التنوع يعطي للشركات مرونة كاملة في معاملاتها ويخفف من تداعيات أية مخاطر متوقعة عليها.

 

برنامج جيد

 

ورغم أن برنامج «استأجر لتتملك» يكاد يختفي حاليا من سوق أبوظبي ويذوي بعيدا، فإنه برنامج جيد لإمارة أبوظبي وسوقها العقاري على المدي البعيد.

 

وكما يوضح وائل الطويل الرئيس التنفيذي لشركة تلال كابيتال في أبوظبي على أن الفكرة الرئيسية لهذا البرنامج جيدة جدا حيث تشجع المستثمرين والمقيمين أو المشترين النهائيين في أبوظبي لسنوات طويلة بالبقاء في الإمارة عبر شراء وحدات سكنية لهم بشكل ميسر لهم، خاصة بعد استقرار الإيجارات السكنية على مستويات إيجارية مرتفعة طوال السنوات الماضية.

 

وينوه إلى أنه يتواجد في أبوظبي كما في غيرها من الإمارات الأخرى مقيمون عرب وآسيويون وأجانب ذو كفاءات مهنية وتعليمية عالية جدا ورتبوا أوضاعهم الحياتية على البقاء لمدة أطول في دولة الإمارات التي احتضنتهم ولم تبخل عنهم بشيء، كما أنهم لم يبخلوا عنها أيضاً.

 

دور الحكومة

 

لكن أليس من الأفضل أن تتدخل الحكومة وتجبر شركات التطوير العقاري في أبوظبي على تنويع برامجها للتملك والإيجار بما يؤدي إلى استقرار هذه الشركات والسوق معاً؟ يرد وائل الطويل رافضاً هذا التدخل جملة وتفصيلاً. ويفسر ذلك مؤكداً على أن الحكومة منذ البداية رسمت لنفسها دور المخطط والمشرع والمراقب للسوق فقط، وليس دور الفاعل والمحرك وهذا أمر جيد للغاية.

 

البيع الفوري

 

ويلتقط الدكتور محمد نعيمات رئيس مجلس إدارة شركة الحصن العقارية الحوار متسائلاً بعجب «لو عرضنا اليوم على المستثمرين الأجانب برنامج «استأجر لتتملك» سيندهشون منا !! والسبب أن غالبية المستثمرين الأجانب الذين يفدون يومياً على أبوظبي خاصة من الصين وأفريقيا لا يفكرون إلا في الشراء الفوري «الكاش» وهم يرغبون في الحصول على وحدات سكنية فاخرة بمساحات كبيرة، ومستعدون لأن يدفعوا أي مبلغ فوري، وهدفهم إيجاد موطئ قدم لهم في بيئة أبوظبي الاستثمارية الواعدة، والاستفادة من الحوافز الكثيرة التي تتيحها لهم الحكومة في التملك والعمل والإقامة.

 

الأكثر استفادة

 

ينوه الدكتور محمد نعيمات رئيس مجلس إدارة شركة الحصن العقارية إلى أن أكثر الفئات استفادة من برنامج «استأجر لتتملك» هم فئة الموظفين المقيمين في أبوظبي والإمارات مؤكداً على أن هذا البرنامج يحقق لهم فوائد كبيرة لكنه ليس الغالب اليوم على السوق العقاري كما أن مستقبله ضعيف في أبوظبي، وهو يختص بشريحة لها ظروفها الخاصة المتقلبة ، وما دفعها لهذا البرنامج هو ارتفاع قيمة الإيجارات التي تدفعها في الوحدات السكنية التي تشغلها سنوياً.

 

وينوه إلى أنه من الخطأ أن تضع شركات التطوير العقاري برامجها لتطوير أدائها على فئة صغار الموظفين أو المشتريين النهائيين الراغبين في برنامج استأجر لتتملك لأن أعداد هذه الفئة ليست كبيرة في أبوظبي، كما أن الأفضل حالياً للشركات هو الإسراع في إنشاء الوحدات .

 

توجهات السوق المستقبلية

 

يرى مسعود العور الرئيس التنفيذي لشركة تسويق للتطوير والاستثمار العقاري في أبوظبي أن سوق أبوظبي يختلف عن بقية أسواق الدولة، حيث إن السوق يمتاز بوجود مطورين كبار هم الذين يحددون توجهات السوق المستقبلية، بينما يتوارى المطورون الصغار فيه، وبالتالي فإن حركة السوق ببرامجه للبيع والتأجير تتأثر بشكل كبير بأداء كبار المطورين.

 

ويرى العور أن أبرز وأقوى شركة في سوق أبوظبي اليوم هي شركة الدار بعد اندماجها مع شركة صروح، وبالتالي فإن واقع ومستقبل السوق يتحدد بهذه الشركة وخططها ومشاريعها، وشركة الدار تتمتع بوضع مالي قوي للغاية، فضلاً عن أنها استوعبت دروس الأزمة المالية العالمية جيداً، ولاتركز حالياً على البيع فقط، بل استبقت لنفسها آلاف الوحدات السكنية التي تقوم بتأجيرها في أبوظبي مما يدر لها دخلاً متصاعداً وهذا أمر جيد.

 

المصارف الإسلامية تشجع على إنجاح البرنامج

 

أكد وائل الطويل الرئيس التنفيذي لشركة تلال كابيتال في أبوظبي على أن المصارف الإسلامية في أبوظبي ساهمت في إنجاح برنامج «استأجر لتتملك» موضحاً أن مصارف أبوظبي دفعت عملاءها للاستفادة من هذا البرنامج وقدمت لهم تسهيلات بسبب اتفاق صيغة هذا البرنامج مع الفكر الاقتصادي الإسلامي الذي يشجع مبدأ الإجارة المنتهية بالتملك، وقد لعبت شركات التمويل الإسلامية دوراً متميزاً في هذا الصدد عبر إبداع صيغ تمويلية معاصرة حققت مطالب عملائها.

 

ويوضح أن استمرار صيغة «استأجر لتتملك» كانت ستؤدي إلي دفع المصارف الإسلامية لتقديم صيغ تمويل أكثر حداثة وتطورا مستندة لتعاليم الشريعة الإسلامية مشيرا إلى أن انتعاش هذه الصيغة جاءت بسبب وجود وحدات سكنية جاهزة في السوق وليس وحدات تحت الإنشاء مما ساعد على انتشارها، لكن والكلام لوائل الطويل شركات التطوير العقاري ترى أن السوق اليوم في أبوظبي لا يتناسب مع هذه الصيغة والأفضل لها البيع بالكاش لتحصل على أموالها لتستثمرها في مشاريع أخرى.

 

قرارات

 

وينوه إلى أن سوق أبوظبي يمكن توصيفه بأنه «سوق إيجاري» أكثر منه «سوق تملك» لأن صيغة الإيجارات هي التي مازالت مسيطرة على السوق لأسباب عديدة أبرزها أن صيغة التملك بكافة أشكالها سواء كانت فورية أو بالتقسيط أو تأجير تنتهي بالتملك مازالت حديثة جداً وهي مرتبطة بشكل رئيسي بالنهضة العقارية التي بدأتها الإمارة عام 2006.

 

حيث سمحت بإنشاء شركات كبرى للتطوير العقاري مثل الدار وصروح ومنازل وإشراق وغيرها، إضافة إلى صدور قرارات بالتملك الحر في مناطق محددة وفقاً لصيغ محددة، والسبب الثاني يتعلق بخصوصية سوق أبوظبي، حيث إن المواطنين هم المالكون لغالبية وحداته السكنية، وقامت لجنة خليفة التابعة لدائرة المباني التجارية سابقاً بإدارتها أو تقوم شركة أبوظبي التجاري للعقارات بإدارتها حالياً أو يديرها المواطنون سواء بأنفسهم أو عن طريق شركات للعقارات، ومن الملاحظ خلال السنوات الماضية تزايد أعداد مشاريع الشركات مقابل تراجع ملموس لبنايات المواطنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى