توقعات بنمو اقتصاد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 3.2% في عام 2014
تناول تقرير حديث أصدرته شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) الوضع الحالي والتوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث أوضح التقرير الذي حصلت “مباشر” على نسخة منه أن النمو المتوقع لاقتصاد المنطقة قد يصل لنسبة تُقدر بحوالي 3.2% في عام 2014، وذلك بدعم من نمو القطاعات غير النفطية مقارنة مع أدنى نسبة نمو شهدتها تلك المنطقة في عام 2013 حيث لم تتخطى الـ 2.2%، إلا أن النمو في عام 2014 لا يزال أقل من متوسط النمو البالغ 4% والتي سجلتها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العقود الأربعة الماضية.
وفي تحليل للعوامل التي أدت إلى تراجع النمو في عام 2013 ، نجد أن الصعوبات وارتفاع حدة الاضطرابات الجغرافية والجيوسياسية في الدول المصدرة للنفط مثل ليبيا وإيران وسوريا، بالإضافة إلى المرحلة الانتقالية من التقلبات السياسية والاقتصادية التي شهدتها كل من مصر والأردن كان لها أثر سلبي على معدلات النمو الاقتصادية في تلك الفترة. كما كان لانخفاض الطلب العالمي على النفط الأثر السلبي على النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع رفع منسوب الانتاج من قبل الدول خارج منظمة أوبك.
لا تزال معدلات التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عند أعلى مستوياتها حيث وصلت في عام 2013 إلى 11.5% وذلك بفعل التقلبات الجيوسياسية في الدول المستوردة للنفط مثل مصر التي دفعت نحو ارتفاع أسعار الطاقة. من جهة أخرى، كان الاستقرار السياسي في منطقة الخليج كفيل بالحفاظ على معدل التضخم دون الـ 3% في عام 2013 وذلك بالرغم من انتعاش وتعافي السوق العقاري وازدياد الطلب على الاسكان. وتشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن معدلات التضخم سوف تصل في عام 2014 إلى 8.8% في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بينما لن تتخطى حاجز الـ 3% لدول مجلس التعاون الخليجي.
دول مجلس التعاون الخليجي
شهدت دول مجلس التعاون الخليجية مجتمعة تراجعاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي حيث بلغ 4.1% في عام 2013 مقارنة مع 6.4% في عام 2012، ويعود السبب في هذا التراجع إلى انخفاض الطلب على النفط وبالمقابل ارتفاع حجم الانتاج النفطي من قبل الدول خارج منظمة أوبك العالمية أدى إلى استقرار حجم الانتاج النفطي في دول الخليج عند نفس المستوى. بينما واصل القطاع غير النفطي أداءه القوي والمتنامي حيث من المتوقع أن يسجل نمو بنسبة 5.7% خلال عام 2014 بعد أن تمكن من تحقيق نسبة نمو وصلت إلى 5.4% في عام 2013 وذلك مع تواصل الدعم القوي من الحكومات الخليجية بهدف تنويع الاقتصاد ودعم القطاعات غير النفطية.
ومن المتوقع أن يستمر النمو في القطاع غير النفطي عبر زيادة الانفاق على البنية التحتية خلال فترة تمتد إلى حدث دبي إكسبو في عام 2020 وكأس العالم في قطر عام 2022، بالإضافة إلى انتعاش فعلي في قطاعي السياحة والعقار في دولة الإمارات العربية المتحدة. إن تطور القطاع غير النفطي جعله يبرز كمحرك رئيسي لدفع النمو الاقتصادي في منطقة الخليج التي من المتوقع أن تحقق نمواً في الناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 4.2% في عام 2014.
فضلاً عن ذلك، لا تزال السياسة المالية العامة المتبعة من دول مجلس التعاون الخليجي في طبيعتها تدفع بنمو عجلة القطاع غير النفطي وذلك للحد من الاعتماد على الايرادات النفطية. إن استقرار نمو الايرادات النفطية عند نفس المستوى وسط ارتفاع الإنفاق على القطاعات غير النفطية من المتوقع أن يؤدي إلى تراجع الميزانية العامة من 9.9% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2013 لتصل إلى 8.3% في عام 2014. من جهة أخرى، فإن رصيد الحساب الجاري سينخفض من 20.2% من الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 18.3% بالتزامن مع ارتفاع الواردات على خلفية الانتعاش الاقتصادي العام.
وفي نظرة على نسبة التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي يتبين أنها ما زالت مستقرة تحت مستوى الـ 3% على الرغم من ارتفاع نسب السيولة حيث أسعار السكن والغذاء ما زالت منخفضة نسبياً. أما بالنسبة لعرض النقد في دول مجلس التعاون الخليجي فقد ارتفع من 1.05 تريليون دولار أميركي في نهاية الربع الأول من عام 2013 ليصل إلى 1.19 تريليون دولار أميركي في نهاية الربع الأول من عام 2014. كما أبقت البنوك المركزية على أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة والتي بدرورها تؤدي إلى ارتفاع الطلب على الاقتراض.
شهدت أسواق الأسهم الخليجية أداء متميزاً خلال عام 2013 بقيادة أسواق الأسهم الاماراتية حيث حققت مؤشرات كل من سوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية ارتفاعات قياسية، والتي وصلت إلى 107% و63% على التوالي. كذلك، كان أداء تلك الأسواق إيجابي خلال النصف الأول من عام 2014، على الرغم من تراجع مؤشراتها خلال شهري مايو ويونيو حيث شهدت الأسواق الخليجية عملية تصحيح دورية وجني للأرباح من قبل المستثمرين، بالإضافة كان للتطورات والأخبار الساخنة المتعلقة بالقطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة آثار سلبية على أسواق الأسهم الخليجية كافة حيث ازدادت مخاوف المستثمرين التي نتج عنها أيضاً عمليات بيع عشوائية.
عوامل المخاطر الرئيسية في دول مجلس التعاون الخليجي:
– إن التقلبات السياسية التي طال أمدها والاضطرابات الداخلية يمكنها أن تؤخر تنفيذ خطط تطوير البنية التحتية، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع تكلفة هذه المشاريع مما يضع ضغطا إضافيا على ميزانيات الدولة.
– النفط والغاز لا يزال هو العمود الفقري لجميع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي مما يدل على أن أي انخفاض كبير في أسعار النفط سيكون له تأثير مباشر على الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات مما يعوق أو يؤخر النفقات الرأسمالية في القطاعات الرئيسية.
– بالرغم من أن مواصلة اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في اعتمادها على القطاع النفطي بشكل كبير وحتى في ظل الجهود المبذولة لتنويع وإنماء القطاع غير النفطي، إلا أنه لا تزال هناك تحديات مالية حيث تحتاج هذه القطاعات غير النفطية إلى رؤوس أموال إضافية وزيادة في الجهود المبذولة لتحسين الاستدامة المالية.
– على الرغم من استقرار الوضع الاقتصادي لمشاكل واضطراب الديون في منطقة اليورو إلا أنه لا تزال تشكل خطر رئيسي بالنسبة لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الخليج نظرا لأهمية أوروبا كشريك تجاري رئيسي.
– لا تزال عملية خلق وظائف جديدة في القطاع الخاص لمواكبة النمو المتسارع في فئة أعمار الشباب تشكل تحدي كبير.