رئيس “جمعية الخليج للسندات”: إصدارات الخليجيين من الصكوك سنويا 40 مليار دولار
أكد خبير في صناعة السندات والصكوك، أهمية وجود جمعيات متخصصة لأنشطة الأعمال المختلفة بوصفها ضرورة تفرضها التحديات المتنامية، وتشكل مظلة شاملة وجسدا مشتركا للجهات العاملة تسهم في تبادل الخبرات والاستفادة من مكتسبات المرحلة وتخطي المعوقات.
وأفصح مايكل جريفيرتي رئيس جمعية الخليج للسندات والصكوك، عن أن السعودية ستشهد انطلاق فرع للجمعية قريبا، وسط تنامي أعمال إصدار السندات والصكوك، مؤكدا أن نمو البنية التحتية المالية والاستثمار في بلدان مجلس التعاون يرشحها لأن تكون أكبر مصدر للصكوك على مستوى العالم.
وجريفيرتي هو خبير أميركي في مجال السندات حيث بدأ مهمته في سوق السندات المصدرة لصالح البلديات بالولايات المتحدة، وهي الوسيلة التي تلجأ إليها عبر الحكومات المحلية في مختلف الولايات الأميركية لتمويل البنى التحتية المهمة كالطرق والمنافذ والمستشفيات وغيرها.
ووسع جريفيرتي خبرته في مناطق أخرى من العالم مساعدا لحكومات وطنية في بناء الأسواق المالية وإدارة الأصول. «الشرق الأوسط» أجرت معه الحوار:
*هل ترى ضرورة وجود جمعيات في قطاع الأعمال؟
– بل تبدو في غاية الأهمية، في ظل التطورات الحاصلة حاليا، فوجود مرجعية تستند إليها الشركات والمؤسسات العاملة في أي مجال ما مهم للغاية حيث تكون بمثابة المظلة التي يستفيد منها وتقوم بتوجيهه وإرشاده.
وفي قطاع الصكوك والسندات، نحن (جمعية الخليج) نعمل في السندات والصكوك في هذا الإطار على التوجيه العام وإسداء النصح والتوصيات بما يتعلق بالشؤون التشريعية المتخصصة في المجال. ولا أنسى مدى أهمية العلاقات مع المستثمرين، وكذلك الحكومات وإصداراتها وحتى إدارة الاستثمار.
الجمعيات مهمة وتمثل جسدا مشتركا للقطاع ونشاط الأعمال، وتتداخل في كثير من الشؤون والتحديات التي تواجهها، بوصفها بيت خبرة ومرجعا موثوقا.
* وماذا عن جمعية الخليج للصكوك والسندات، كيف أنشئت، وما الأهداف التي تقوم عليها؟
– جمعيتنا عبارة عن جمعية تمضي في مسارات عدة تختص بنشاط الصكوك والسندات في المنطقة، حيث جاء إنشاؤها التزاما بتعزيز سوق واسعة وعميقة على أساس أفضل الممارسات الدولية وتكييفها لمنطقة الخليج العربي، التي تشهد طفرة في الصناعة المالية.
ولذا كان لا بد من وجود معايير أخلاقية ومهنية تستند عليها الجمعية ومشتركوها، والعمل كنقطة اتصال لمجتمع السندات والصكوك في المنطقة، وكذلك المساهمة في عملية منظمة وشفافة لوضع تشريعات سوق السندات والتنظيم، وتوفير مدخلات منتظمة إلى المنظمين في جميع أنحاء المنطقة على اتجاهات السوق والتطورات الراهنة.
وبين المهام التي تقدم لدعم مجتمع الصكوك والسندات، تقديم المشورة للجهات الحكومية حول السياسات ذات العلاقة، والمساهمة في إنشاء ممارسات السوق، والاتفاقيات التجارية والوثائق القياسية. كما أن التعليم هنا أحد أدوار الجمعية حيث يجري تسهيل التعليم المستمر للمتخصصين في المجال بما يؤدي لتوظيف مواطني دول المجلس في صناعة السندات والصكوك، ورفع الوعي وتثقيف الجمهور حول الاستثمار المسؤول، بالإضافة إلى الاهتمام بالتنسيق مع جهود تطوير السوق الدولية والتعاون مع الجمعيات الأخرى عالميا وإقليميا.
* كيف ترون أهمية وجود منظمات أو جمعيات تختص بمجال القطاع المالي؟
– للإجابة عن هذا السؤال لا بد من الإشارة إلى أن منظمات قطاع الأعمال المتخصصة تعد ظاهرة جديدة في منطقة الخليج، ونحن كجمعية متخصصة في الصكوك والسندات نعد أحد روادها.
بل من وجهة نظري، هذه الجمعيات والمنظمات لها دور بالغ الأهمية حيث تعدّ منصة لقادة الصناعة للاجتماع والبحث ونقاش القضايا المهمة التي يواجهونها في المجال، رغم عدم وجود صفة رسمية يمكن أن نفرضها على الجهات الأخرى.
ولكن بهذه الطريقة يمكننا الرفع من مستوى الصناعة لكل اللاعبين في المجال، وبالتالي ينعكس جليا على الاقتصاد. وهنا، لا بد من القول إن السلطات (المشرعين) التي تعاملنا معها في المنطقة، وجدت أن مدخلاتنا موثوقة ومتوازنة، لأنها لا تعكس فقط رؤى مؤسسات فردية في المجال، بل شريحة واسعة من المنشآت المهنية في جميع نشاطات هذه الصناعة.
* وهل للجمعية وجود حاليا في السعودية؟
– دعني أكشف لك هنا عن إطلاق فرع من جمعية الصكوك والسندات الخليجية في السعودية قريبا. وسنكون محظوظين بأن محمد البن صالح، وهو خبير في مجال المصرفية الاستثمارية لدى إحدى أكبر المؤسسات المالية، حيث سيكون رئيس مجلس الإدارة في السعودية.
* وهل الجمعية هي الأولى من نوعها المختصة في مجال الصكوك والسندات في منطقة الخليج؟ ولماذا ومتى أنشئت؟
– نعم، الجمعية هي الأولى من نوعها وتعد المنظمة الوحيدة التي تركز بالكامل على قطاع حساس للسوق المالية كمنتج الصكوك والسندات. وأنشئت قبل أربع سنوات وتحديدا في 2010.
بعد محادثات غير رسمية بين مجموعة من المصرفيين والمستثمرين ومصدري السندات حيال مدى تقدم السوق ونموها. وهنا، جاءت فكرة مجموعة قليلة بينهم وهي تحويل الآراء من مجرد أحاديث إلى أفعال، ومنذ ذلك الوقت وجمعية الخليج للسندات والصكوك تسجل نموا مطردا على صعيد العضويات، وكذلك على صعيد الاندماج مع القضايا المتعلقة المطروحة في سوق الصكوك والسندات. هدفنا هو أن نكون منظمة مستدامة هنا على المدى الطويل.
– تشيرون ضمن أهداف الجمعية إلى إجراء الأنشطة التي تؤدي إلى توظيف المواطنين الخليجيين في مجال صناعة السندات والصكوك.
– من الأهمية أن أشير إلى أن جمعية الخليج للصكوك والسندات تأسست لهدف رئيس جوهري، وهو المساهمة في تقدم هذه الصناعة في بلدان دول الخليج العربي، كما نسعى للوصول إلى المستثمرين والشركات المحليين، وكذلك دعم المشرعين في منطقة الخليج في جهودهم للرفع من الوعي بالفرص المتاحة والمعروضة في هذه الصناعة العملاقة.
* ولكن كيف تصف شح الكوادر المتخصصة في أنشطة مجال الصكوك والسندات؟ وهل لديك أي تقديرات تخص هذا الجانب بين الخليجيين؟
– في الحقيقة، يوجد كوادر على درجة عالية من التأهيل في مجال المصرفية والبنوك والشركات الخاصة وحتى على صعيد الجهات الحكومية وغيرها، لكن سوق الأسهم والأوراق المالية كبيرة في المنطقة، وهي تأخذ حصة غير متناسبة مع إمكانيات الكوادر المؤهلة الشابة والتي تغيرت وتستمر في التغيير والنمو مع سوق تتنامى للدخل الثابت، وسط فرص توسع ضخمة. وسوق السندات والصكوك بدت أكثر فأكثر كفاءة وأهمية لأداء السوق المالية والاقتصاد في السعودية ودول الخليج.
* وكم تقدرون حجم سوق الصكوك والسندات في بلدان دول مجلس التعاون؟
– الجمعية لا تدخل في أي تعاملات فردية، لكن يمكنك القول إن الأعضاء معنيون في كل الصفقات المنفذة والتي تأخذ حيزا في المنطقة. وعلى أي حال، يمكن القول إن الاتجاه تصاعدي ويمكن تقدير قيمة 40 مليار دولار حجما للصكوك المصدرة الجديدة سنويا في السوق الخليجية. وهذا مدفوع بلا شك بالتنامي السريع في إصدار الشركات للأوراق المالية، مما يجعلها أسرع مقارنة بمناطق أخرى من العالم، لكن لا بد من الاستمرار في الضغط وإصدار الصكوك بحصص مناسبة ومغرية للمصدرين والمستثمرين هنا في السعودية.
* بوصفك لست مواطنا خليجيا، دعني أسألك عن مدى قبول الصكوك في الأسواق المصرفية الغربية؟
– حتى الآن لا تزال الصكوك منتجا في دوائر مخصصة، نتيجة لسمات هيكلته الفريدة، وكذلك بسبب حجم الصكوك، ورغم تناميه، فإنه لا يزال صغيرا على الصعيد العالمي. ووفقا لهذا، فالمستثمر المعقد اعتاد تلك الأدوات المالية، وكذلك الشركات ذات الجودة العالية في المنطقة، هي المسؤولة عن ذلك. المستثمرون الذين يعملون البحوث والمنفتحون على الصكوك يكافأون باختيارات واسعة من الاستثمارات للاختيار منها.
* على الرغم من أن الصكوك تمثل نموذجا إسلاميا من السندات يحتاج إلى مزيد من العمل على صعيد إنتاجه كصناعة كاملة أو جعله مستقلا عن كونه أحد منتجات السندات، هل توافق على هذه الرؤية؟
– الصكوك في العموم تصدر بهدف يشبه تلك في السندات لجلب السيولة والتدفق النقدي للمستثمرين، والمصدرون يستخدمون ذات البنية المالية بما فيها معدل التقييم والتصنيف.
ولكن الصكوك في الواقع مصطلح واسع جدا يشمل كثيرا من الهياكل، وهي الأكثر شعبية رغم النقاش النشط بين علماء الشريعة والمستثمرين والمهنيين حول مدى تشابهها مع السندات، وفي الأخير سيكون المستثمر صاحب الرأي والتفضيل.
* هل تعتقد أن بلدان الخليج هي المنطقة الأكثر إصدارا للصكوك، وأكبر من السوق الماليزية؟
– في الوقت الراهن، لا تزال ماليزيا المتصدرة كأكبر سوق للصكوك، ورغم ذلك لدي شعور بأنه بمزيد من الوقت، خاصة مع تقدم الأسواق في دول الخليج ونمو البنية التحتية للاستثمار وتنوع الاقتصاد، ستتخطى دول الخليج ماليزيا. تذكر أيضا أن دول مجلس التعاون الخليجي هي العاصمة المالية لمنطقة الشرق الأوسط، ولذا أي إصدارات للصكوك والسندات في المنطقة يحسب لهذه السوق.
* وما الخيار الأفضل لدول الخليج؛ إصدار الصكوك أم السندات ولماذا؟
– هناك بعض المنشآت كالبنوك الإسلامية والشركات المتوافقة مع الشريعة ليس لديها خيار سوى الصكوك.
ولكن الغالبية من الشركات بإمكانها إصدار صكوك وكذلك السندات (كلا النموذجين). كل العروض تعتمد في اختلافها على المستثمر، وبعض الأحيان يقدم آخرون خيار تمويل أكثر إغراء من جانب التكلفة.
والمنشآت السعودية تعمد على النموذجين محليا ودوليا، بيد أن مسار الصكوك هو الأكثر شيوعا.