نفط وعملات

الاكتفاء الأميركي من البترول يقلب سوق النفط عالمياً

3183223

 

وفقاً لتقرير شركة ديلويت حول واقع النفط والغاز لعام 2014، تشعر مختلف مناطق الشرق الأوسط وروسيا والصين بآثار ازدهار قطاعات انتاج الطاقة في اميركا الشمالية، التي تتحوّل قريباً من مستورد رئيسي الى مصدّر للطاقة. وسيوّلد ذلك مصادر جديدة للإمداد بالطاقة، وزيادة في المنافسة، واعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمي، وخلق تحالفات أكبر بين الدول.بحسب جريدة القبس

ويركّز تقرير «ديلويت» على التوسع والانكماش في قطاعات الطاقة على جبهات عدة، من تزايد وانحسار واحتكار في صفوف الموردين، الى التحول من المقاربة الاقليمية نحو العولمة في أسواق الطاقة، والتركيز المتزايد على بعض أنواع الوقود مقابل تراجع استعمال أنواع أخرى من الوقود، وفتح واغلاق بعض حدود الدول في معرض الاستجابة للمخاوف الجيوسياسية العالمية.

وقد اتسمت التطلعات في أسواق الطاقة هذا العام بالدوافع الجيوسياسية وبالواقعية، الى حد لم يسبق له مثيل من قبل. وفي هذا السياق، يوضح الشريك المسؤول عن قطاع الطاقة والموارد في «ديلويت الشرق الأوسط» كينيث ماك كيلار: «بالنسبة الى منطقة الشرق الأوسط، من المتوقع أن تشهد تحركات شحنات النفط الخام تحولاً ملحوظا مع توجه الصادرات بشكل متزايد شرقاً نحو آسيا، بدلاً من التوجه غربا نحو الولايات المتحدة وأوروبا. وعلى الرغم من هذه الاتجاهات الجديدة، فإننا نعتقد أن توقعات انحسار اهتمام الولايات المتحدة بقطاع النفط في الشرق الأوسط مبالغ فيها».

ويذكر تقرير ديلويت أنه نظراً الى تبادلية أسواق النفط العالمية، فان أي انقطاع في امدادات النفط الشرق أوسطية سيتردد صداه الى السوق المحلي في الولايات المتحدة، بغض النظر عما اذا كانت المنطقة لا تزال مصدراً رئيسياً لواردات النفط الخام الاميركية أم لا. بالاضافة الى ذلك، لا تزال التقلبات التي تشهدها المنطقة تعتبر بمنزلة «الوضع الطبيعي الجديد» منذ «الربيع العربي».

حالة الصين

يرى تقرير ديلويت أنه إذا قلّ اعتماد الولايات المتحدة الآن على امدادات النفط الشرق أوسطية، فسيزداد هذا الامداد الى آسيا والصين. فقد اعتمدت الصين بعد عام 1992 سياسة للطاقة قائمة على «الاستثمار في الخارج»، بعد أن كانت قد أصبحت مستورداً صافياً للنفط. كما أن تباطؤ نمو العرض المحلي ورداءة العوامل الاقتصادية المتعلقة بخطوط الأنابيب قد تركا الصين أمام عدد ضئيل من الخيارات، كالبحث عن امدادات جديدة في الخارج، وجدتها الصين في الشرق الأوسط، الى حد كبير.

ويوضح ماك كيلار قائلاً: «تعتمد الصين اليوم بنسبة كبيرة على منطقة الشرق الأوسط لاستيراد النفط الخام، ومن المتوقع أن ترتفع صادرات الشرق الأوسط إلى الصين تباعاً».

ثورة أميركا الشمالية

وفقاً لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، بامكان الولايات المتحدة أن تصبح حالياً مصدّراً صافياً للغاز الطبيعي بحلول نهاية هذا العقد. وهنا يفيد ماك كيلار: أنّ البعض يتخوف من أن يترجم هذا الشعور المتزايد بالاكتفاء الذاتي للولايات المتحدة بمزيد من الانعزالية والتردد في مواصلة المشاركة في الشؤون الدولية. ولكنني أعتقد أن مثل هذا السيناريو غير وارد. وقد بدأنا برؤية مصادر جديدة للامدادات وزيادة في التنافس على الطلب، لا سيما في آسيا والمحيط الهادئ. كما أن التحوّل في نفس الوقت إلى مصادر الطاقة غير الملوثة الذي بدأ يأخذ مجراه عالميا يبشر بالخير بالنسبة للغاز الطبيعي، والذي يتوجه بخطى ثابتة نحو العولمة.»

مصادر جديدة

لطالما هيمنت منظمة الدول المصدّرة للبترول (أوبك) وروسيا على قطاع تصدير النفط والغاز لأكثر من نصف قرن. أما اليوم، فيتحدى موردون جدد هيمنتهما، مغيّرين بذلك المشهد الجيوسياسي. ويقول ماك كيلار: «ستقلب مصادر امدادات النفط الجديدة موازين أسواق الهيدروكربون العالمية في العقد المقبل. كما أن زيادة الناتج المحلي في الولايات المتحدة، فضلاً عن نمو الإنتاج في كندا والمكسيك والبرازيل وكازاخستان، ستعيد تشكيل أسواق النفط والغاز والمشهد الجيوسياسي. ومن المرجّح أن نشهد انخفاضا في هيمنة المنتجين التقليديين، لا سيما دول منظمة (أوبك) المصدرة للبترول وروسيا، التي بدورها ستشهد تحدياً في هذا النطاق، وستضطر للمنافسة بقوة أكبر للحفاظ على حصتها ونفوذها في السوق».

تحول في النظام العالمي

إن مزيج الطاقة العالمي آخذ في التحوّل نحو مصادر الطاقة غير الملوثة، مثل الغاز الطبيعي. ففي أميركا الشمالية، يتزايد استخدام الغاز الطبيعي في توليد الطاقة والتصنيع والنقل. كما تعتزم اليابان زيادة حصة الغاز الطبيعي في مزيج طاقتها، في معرض متابعة مسار تمّ تحديده بعد حادث فوكوشيما دايتشي الذي أجبرها على ايقاف استخدامها للطاقة النووية. أما في أوروبا، فستستمر الرغبة في اعتماد مصادر الطاقة غير الملوثة على الرغم من بعض التراجع الذي تم تسجيله مؤخراً في مصادر الطاقة المتجددة الأكثر تكلفة، الامر الذي دفع المنطقة نحو زيادة استهلاكها للفحم لفترة مؤقتة.

استراتيجيات جديدة

بصورة عامة، يمكن تصنيف احتياطيات المشروعات العملاقة للنفط والغاز التي تملك أكثر من مليار برميل من مصادر الطاقة البديلة للنفط، ضمن ثلاث فئات، ألا وهي: المشروعات التقليدية ومشروعات العصر الحديث والمشروعات غير التقليدية. تشمل المشروعات التقليدية المشروعات البرّية لاستخراج النفط والحفر في المياه الضحلة والنفط الخام الثقيل؛ وتشمل مشروعات العصر الحديث الغاز الطبيعي المسال والغاز المحول إلى سوائل (GTL) والمياه العميقة والقطب الشمالي؛ أما المشروعات غير التقليدية فتشمل الوقود الأحفوري والنفط الجبسي والنفط الرملي في كندا.

تأميم الطاقة

يأتي تأميم الموارد نتيجة عمليات شد وجذب بين ثلاثة محرّكات بشرية أساسية: الرغبة في تحقيق الثروة مع تحويل الموارد إلى أموال (الطمع)؛ والرغبة في تأمين الطاقة بما أن المجتمعات الحديثة تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة (الخوف)؛ والرغبة في الحفاظ على السيادة الوطنية وعلى الموارد لأغراض التنمية الوطنية (الفخر). ويتصارع كل بلد مع هذه الأجندات المتعارضة والمتضاربة في نقطة معينة، مما يعكس تغييراً في التخصيصات الوطنية وأهداف التنمية المحلية والأولويات الوطنية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى