نفط وعملات

الانهيار المتعمد بأسعار النفط العالمية نعمة لبعض الدول ونقمة على أخرى

s320134105940

 

أثار الهبوط المستمر فى أسعار النفط العالمية منذ شهر يونيو الماضى قلق عدد من الدول التى تعتمد موازناتها بشكل أساسى على عوائدها النفطية، خاصة إيران وروسيا، اللتين توجهان صعوبات تضاعف من التأثير السلبى لهبوط عوائدها النفطية مقارنة بدول الخليج التى تسمح أرصدتها الضخمة من العملة الصعبة بتحمل فترة هبوط سعر النفط دون مشاكل تذكر. وانخفاض أسعار النفط بنحو 33% دفع وزير خارجية روسيا سيرجى لافروف إلى التحرك فى عدة اتجاهات، وبذل المزيد من الجهود فى محاولة لتنسيق المواقف قبل عقد الاجتماع الدورى المقبل لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” فى العاصمة فيينا يوم الخميس المقبل، وهو ما اتضح فى اللقاء الذى عقده مؤخرًا من نظيره السعودى، والاتصالات التى تم الإعلان عنها مع فنزويلا، عضو منظمة الأوبك لتنسيق الجهود فى محاولة للدفاع عن أسعار النفط العالمية. كما أن أسباب هبوط أسعار النفط منطقية ويمكن إجمالها فى تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمى خاصة منطقة اليورو، والتباطؤ النسبى فى معدل نمو الاقتصاد الصيني، مقارنة بتوقعات سابقة، وزيادة المعروض من كميات النفط الخام فى السوق العالمي، لكن الأهم هو تسليط الضوء على توازنات القوى التى سمحت بهبوط أسعار النفط العالمية إلى مستويات باتت تضر اقتصادات دول بعينها عن قصد. ويرى المحللون على المستويين الاقتصادى والسياسى أن الدول النفطية الكبرى عزفت عن اتخاذ إجراءات قوية تقلص من حجم إنتاجها، كما فعلت فى ظروف مشابهة سابقة لوقف التراجع الذى حدث فى أسعار النفط العالمية. وحمًّل المحللون الدول النفطية الكبرى مسئولية استمرار تراجع سعر النفط إلى تحت حاجز الـ 80 دولارًا، لافتين إلى أن عدم التدخل الذى ساهم فى دفع سعر الخام إلى المزيد من التدهور كان له أسباب محددة، يمكن إجمالها فى ممارسة المزيد من الضغوط على إيران التى تعانى من مشاكل اقتصادية جمة، عن طريق زيادة حجم العجز فى عوائدها النفطية لدفعها إلى الاستجابة للمطالب الدولية الخاصة ببرنامجها النووي، وإبداء المزيد من المرونة أثناء المفاوضات النووية الجارية مع القوى الغربية الست فى العاصمة فيينا. وبالتزامن مع ممارسة المزيد من الضغوط على روسيا الاتحادية، التى تتضرر موازنتها بشدة جراء تدهور أسعار النفط، كوسيلة للضغط على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين لدفعه إلى التعاطى مع الحلول المطروحة لتسوية النزاع الأوكرانى الروسي، حيث أن روسيا فى حاجة إلى ارتفاع سعر البرميل إلى 100 دولار، حتى تتمكن من معادلة ميزانيتها، فيما يرى بعض الخبراء أن روسيا تحتاج إلى أسعار نفط عند مستوى 115 دولارا للبرميل، لتغطية النفقات، التى زادت بسبب زيادة حجم إنفاقها العسكرى والاجتماعى ولتلافى آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب أزمة أوكرانيا، التى حرمتها من الاقتراض الخارجى. كما يرى محللون أن الدول العربية المنتجة للبترول مستفيدة على جانب آخر من تراجع أسعار النفط العالمية، التى تسهم بشكل غير مباشر فى كبح جماح الزيادة الكبيرة التى طرأت على حجم إنتاج النفط الصخرى الأمريكى، وذلك عن طريق إحجام المستثمرين عن ضخ المزيد من الاستثمارات الجديدة بسبب زيادة تكاليف الإنتاج وهبوط أسعار البيع فى المقابل. وتتخوف الدول العربية النفطية من فقدان موقعها المتقدم على مستوى العالم عن طريق تقدم الولايات المتحدة الأمريكية واحتلالها مركز أكبر دولة منتجة للنفط على مستوى العالم خلال السنوات القليلة المقبلة، مع الأخذ فى الاعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية تستفيد على صعيد آخر من تراجع أسعار لنفط، التى تمكنها من الحصول على النفط اللازم لأنشطتها الصناعية بأسعار رخيصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى