تجار: وكالات السيارات الأوروبية يرفعون الاسعار رغم تراجع اليورو
شكا مستهلكون عدم انخفاض أسعار السيارات الأوروبية المنشأ، التي تباع في أسواق الدولة، على الرغم من انخفاض سعر صرف اليورو، وقالوا إن أسعار بعض أنواع السيارات الأوروبية المنشأ، ارتفعت بدلاً من انخفاضها.وطالبوا بوجود جهة اتحادية، تتولى متابعة قطاع السيارات وتنظيمه، خصوصاً في ما يتعلق بمراقبة عمليات التسعير لحماية حقوق المستهلكين.بحسب جريدة الأمارات اليوم
من جهتهم، أفاد مسؤولو وكالات سيارات أوروبية في الدولة بأن أسعار سياراتهم لا تتأثر بانخفاض اليورو أو ارتفاعه، كون الشركات المصنعة تسعّر سياراتها المبيعة للإمارات بالدولار وليس باليورو، مؤكدين أن التغيرات في الأسعار محلياً تتبع سياسات تسويقية.
من ناحيتهم، أفاد اقتصاديون وخبراء في حماية المستهلك بأنه من الطبيعي والمنطقي أن تشهد أسعار السلع المرتبطة باليورو، ومنها السيارات الأوروبية المنشأ، انخفاضات مع تراجع سعر صرف العملة الأوروبية.
وانتقدوا مسارعة الوكالات إلى رفع الأسعار عند ارتفاع سعر الصرف، وتقاعسها عن خفض الأسعار عند انخفاضه، ما يحمل المستهلك أعباء إضافية.
إلى ذلك، أظهرت بيانات حكومية صادرة من دائرة التنمية الاقتصادية في دبي أن أسعار السيارات الألمانية في دول الخليج تبلغ أقصاها في الإمارات، مشيرة إلى وجود فجوة كبيرة في الأسعار بين الإمارات ودول الخليج، تراوح بين 3000 و11.8 ألف درهم للطراز نفسه.
وأوضحت بيانات الدائرة أن هناك فروقاً بين 22.3 ألف درهم حداً أدنى، و139.8 ألفاً حداً أعلى، بين السعر المعلن والسعر الجمركي، الذي يمثل هامش الربح الإجمالي، وبمتوسط فرق سعري قدره 73 ألف درهم، بين السعر المحلي وسعر الجمارك، مشيرة إلى أن وكالات السيارات المستوردة لا تأخذ بعين الاعتبار أوقات انخفاض سعر صرف اليورو، بمعنى أن الأسعار ترتفع في حالة ارتفاع سعر الصرف، ولا تنخفض حال انخفاضه.
ارتفاع الأسعار
وتفصيلاً، قال حمد المطيري إنه «اشترى سيارة أوروبية، الأسبوع الماضي، متوقعاً انخفاض سعرها بعد انخفاض سعر صرف اليورو إلى أدنى مستوياته منذ نحو عامين، إلا أنه فوجئ بعدم انخفاض السعر، بل ارتفاعه بنسبة تزيد على 3%، وهي نسبة مرتفعة، نظراً إلى أن سعر السيارات الأوروبية مرتفع أساساً».
وأوضح أنه «من غير المعقول أن يظل سعر السيارات الأوروبية في ارتفاع، بينما ينخفض اليورو وتعاني الاقتصادات الأوروبية ركوداً كبيراً في مختلف القطاعات الاقتصادية».
وطالب بجهة تتولى تنظيم قطاع السيارات، ووضع أسس لعمليات التسعير، وعدم تركها لطرف واحد، يقتصر على وكالات السيارات.
من جانبه، قال خليل المحمدي إنه أجرى جولة في عدد من معارض السيارات في أبوظبي، لرغبته في شراء سيارة، واستقر على شراء سيارة أوروبية المنشأ، بعد أن سمع عن وجود انخفاض كبير في سعر اليورو، متوقعاً أن ينعكس ذلك على انخفاض أسعار السيارات، لكنه فوجئ بوجود ارتفاع في أسعار العديد من الطرز المطروحة في السوق، بنسب متفاوتة تتجاوز 5%.
وأوضح المحمدي أن «سياسات التسعير غير واضحة، فهي ترتفع في جميع الأحيان، بصرف النظر عن العرض والطلب أو سعر الصرف»؛ مطالباً بتنظيم قطاع السيارات، خصوصاً لجهة سياسات التسعير والصيانة والضمان وغيرها، وتعزيز شفافيته بما يحفظ حقوق المستهلكين.
ولفت إلى أن «أسعار العديد من أنواع السيارات في الإمارات أعلى من أسعارها في كثير من الدول الأخرى، لأسباب غير معلومة».
من جهته، قال المستهلك وائل يحيى إن «وكالات السيارات الأوروبية ترفض خفض أسعار سياراتها، تأثراً بالتراجع المستمر في سعر اليورو، على الرغم من أن الوكالات ذاتها حمّلت المستهلكين ضريبة زيادة أسعار اليورو في فترات سابقة، عبر رفع أسعار السيارات»، مشيراً إلى أنه «من المفترض إتاحة المجال لاستيراد السيارات من قبل التجار من غير الوكالات، بما يخدم صالح المستهلكين».
الدولار واليورو
إلى ذلك، قال مدير مبيعات سيارات بورشه أبوظبي، ربيع قطيش، إن «المصنع الرئيس لـ(بورشه) في ألمانيا يبني علاقته الخاصة بالتسعير مع الإمارات بالدولار وليس باليورو».
وأوضح أن «الدولار مرتبط بالدرهم، وبالتالي فإن تغير سعر صرف اليورو ليس له تأثير في سعر السيارة بالدولة»، موضحاً في هذا الصدد أنه «عندما حدث ارتفاع في سعر صرف اليورو، منذ أشهر، حدث ارتفاع في أسعار العديد من السيارات الأوروبية، عدا سيارات (بورشه)، لأن سعرها مرتبط بالدولار وليس اليورو».
ولفت قطيش إلى حدوث ارتفاعات في أسعار بعض موديلات سيارات «بورشه»، على الرغم من ثبات الدولار خلال العام الجاري، فضلاً عن حدوث انخفاضات في أسعار موديلات أخرى، موضحاً أن «التغييرات في الأسعار ليست مرتبطة بسعر صرف العملة، بل بسياسات تسويقية».
واتفق مدير المبيعات في وكالة «علي وأولاده» للسيارات، وكلاء سيارات «شكودا» و«فولكس فاغن» و«بورشه» في أبوظبي، بشار السورادي، مع قطيش في أن سياسة تسعير السيارات مرتبطة بالدولار وليس باليورو، موضحاً أن «هذه السياسة قائمة منذ سنوات طويلة، ولم يتغير الأمر خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي فإن انخفاض سعر صرف اليورو ليس له تأثير يذكر في أسعار السيارات».
ولفت في هذا الصدد إلى أنه «يتم في وكالة (علي وأولاده)، شأنها شأن وكالات أخرى، تثبيت سعر الدولار طوال العام، وبالتالي إذا حدث ارتفاع أو انخفاض في سعر صرف الدولار لا يتغير سعر بيع السيارة للمستهلكين»، موضحاً أن «المصنع يزيد سعر السيارة 2% تقريباً سنوياً».
بدوره، قال مدير التسويق في شركة «مشاريع قرقاش»، وكيل سيارات «مرسيدس بنز» في دبي والشارقة والمناطق الشمالية، وسيم دربي، إن «أسعار سيارات (مرسيدس) في الشركة لم تتأثر بالتراجع الذي سجله اليورو، أخيراً، بسبب الاعتماد على تسعير أسعار السيارات محلياً بالدولار»، مشيراً إلى أن «تحديد الأسعار لسيارات الشركة لا يرتبط باليورو، لكنه يرتبط بمواصفات السيارات ومعدل الطلب في الأسواق».
حقوق المستهلكين
من جانبه، اعتبر نائب رئيس مجلس الإدارة، أمين سر جمعية الإمارات لحماية المستهلك، خالد الحوسني، أن «مسألة الارتباط بالدولار تثير تساؤلات مشروعة من جانب الآلاف من المستهلكين، حول عدم خفض الوكالات أسعار السيارات، على الرغم من حدوث انخفاضات عدة متتالية للدولار من قبل»، لافتاً إلى أن «الوكالات تستهدف في المقام الأول تحقيق أقصى ربح ممكن بأي وسيلة ممكنة».
وأرجع الحوسني مسألة ارتفاع أسعار السيارات في الدولة إلى وجود احتكار من جانب وكالات السيارات في الدولة، مبيناً أن «الجمعية تتلقى بصفة يومية شكاوى من مستهلكين ضد وكالات سيارات في الدولة».
وقال إنه «من غير المسموح لأي مستورد استيراد سيارات جديدة من الخارج وإدخالها إلا بموافقة الوكيل المعتمد في الدولة، كما أنه على الرغم من قيام مستهلكين بشراء سيارات من الخارج من غير طريق الوكالات لوجود فارق سعري كبير يصل إلى 30% أحياناً، إلا أن الوكالات تشترط لفتح الضمان والقيام بعمليات الصيانة دفع مبلغ يزيد على 50 ألف درهم سنوياً، على الرغم من أن الضمان من المصنع أساساً وليس من الوكالة».
وطالب الحوسني بإنهاء احتكار الوكالات على أرض الواقع، ووجود جهة اتحادية تتولى مراقبة قطاع السيارات، خصوصاً في ما يتعلق بسياسات التسعير، وحماية حقوق المستهلكين في الحصول على السيارات بأسعار مناسبة.
وعي المستهلك
من جهته، قال خبير شؤون حماية المستهلك، حسن الكثيري، إنه «على الرغم من أن أسعار العملات تعد من العوامل الرئيسة المحددة لأسعار السلع، خصوصاً السيارات، إلا أن التجار والموردين يسارعون إلى رفع الأسعار عند زيادة أسعار العملات، فيما تستقر الأسعار عند انخفاضها».
واعتبر أن «زيادة وعي المستهلكين، وتعدد البدائل السوقية، من أبرز الحلول لمواجهة تلك المشكلة، إذ يضغط الاختيار بين البدائل السلعية على التجار للتنافس وتقديم أسعار أفضل لجذب المستهلكين»، مبيناً أنه «من الصعب تحديد أسعار السيارات أو وضع معايير لأسعارها من قبل جهات حماية المستهلك، لكن من الأفضل تعزيز حزم القوانين لدعم التنافس، بما يعود بالنفع على المستهلكين».
وأشار إلى أن «ارتفاع الطلب في الأسواق يتسبب في عدم تراجع أسعار السيارات تأثراً بانخفاض العملة الأوروبية، وفقاً لمبدأ العرض والطلب»، لافتاً إلى أنه «من المهم أن تعمل الجهات المتخصصة، ومنها جمعيات النفع العام، على وضع برامج لزيادة وعي المستهلكين، وتوفير دراسات سوقية تسهم في إرشاد المستهلكين إلى كيفية اختيار المنتجات التي تتوافر بأسعار مناسبة».
الأغلى خليجياً
إلى ذلك، أظهرت بيانات حكومية صادرة من دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، أن أسعار السيارات الألمانية في دول الخليج تبلغ أقصاها في الإمارات، تليها الكويت، ثم السعودية، ثم سلطنة عمان التي تعد الأرخص خليجياً، مشيرة إلى أن هناك فجوة كبيرة في الأسعار خليجياً تراوح بين 3000 و11.8 ألف درهم للطراز نفسه.
وأفادت بأنه عند مقارنة أسعار السيارات ذاتها في بلد المنشأ، من دون شحن مع نظيرتها في الإمارات، تصل الفروق السعرية إلى ما يراوح بين 13 ألفاً و36 ألف درهم، وهذا يعني أن وكالات السيارات المستوردة لم تأخذ بعين الاعتبار أوقات انخفاض سعر صرف اليورو، أي بمعنى أن الأسعار ترتفع في حالة ارتفاع سعر الصرف، ولا تنخفض حال انخفاضه.
ومن حيث مقارنة السعر المحلي للإمارات بالسعر الجمركي، فأوضحت البيانات أن هناك فروقاً تبلغ بين 22.3 ألف درهم حداً أدنى، وصولاً إلى 139.8 ألف درهم حداً أعلى بين السعر المعلن والسعر الجمركي، الذي يمثل هامش الربح الإجمالي، وبمتوسط فرق سعري قدره 73 ألف درهم بين السعر المحلي وسعر الجمارك، الذي يعتبر سعر الجملة واصلاً إلى ميناء دبي.
وذكرت البيانات أن غلاء بعض الموديلات الألمانية محلياً يعزى إلى أسباب، منها هامش الربح العالي للوكلاء، إضافة إلى المستهلكين أنفسهم، الذين يهتمون بسمعة العلامة التجارية للسيارة أكثر من اهتمامهم بالسعر، وبالتالي لا تعمل الوكالات على خفض السعر حال انخفض سعر الصرف، لافتة إلى ظهور فارق في السعر يصل إلى 34.9% في بلد المنشأ عن السعر المحلي لبعض السيارات الألمانية، وهو ما يعد فرقاً كبيراً.
8 % تراجعا في اليورو خلال شهرين
قال مدير إدارة الخزينة في شركة «الفردان للصرافة»، عمر عساف، إن «اليورو سجل انخفاضات مستمرة، أخيراً، ليتراجع من سعر 1.36 مقابل الدولار الأميركي منذ شهرين، ليصل حالياً إلى 1.25 دولار، ما يمثل تراجعاً يزيد على 8%، وهو ما يعد أكبر معدل لتراجع العملة الأوروبية منذ عام 2010».
وأضاف أن «أبرز العوامل التي أسهمت في مواصلة اليورو تراجعه، تتمثل في انخفاض المؤشرات الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي، خصوصاً زيادة نسب البطالة، إضافة إلى التأثيرات السلبية التي طالت العملة، خلال فترة التصويت على انفصال أسكتلندا، فيما واصلت العملة الأميركية ارتفاعها بشكل قوي، نتيجة تحسن مؤشرات للاقتصاد الأميركي، وتراجع معدلات البطالة في الأسواق الأميركية».
التراجع منطقي
قال الخبير الاقتصادي، الدكتور جمال السعيدي، إنه «من الطبيعي والمنطقي أن تشهد أسعار السلع المرتبطة باليورو، ومنها السيارات الأوروبية المنشأ، انخفاضات مع تراجع سعر صرف العملة الأوروبية، خصوصاً لو استمرت عملية الانخفاض فترة طويلة، كما حدث أخيراً»، موضحاً أن «ما يحدث في الأسواق حالياً هو أن الأسعار لا تنخفض لصالح المستهلك مع تراجع صرف العملة، أسوة بما يحدث من ارتفاع في حال ارتفاع سعر صرفها، والتي يتحملها المستهلك في النهاية».
وأشار إلى أن «عدم تراجع أسعار السيارات الأوروبية، تأثراً بانخفاض اليورو، يعزى إلى أن أغلب التجار يلجؤون إلى تعويض تراجع الأرباح في مواسم معينة في فترات انخفاض سعر العملة».
وأضاف «مع سياسات السوق الحرة التي تنتهجها الدولة، فإنه من الصعب أن يتم التدخل في تحديد أسعار السلع، لكن في الوقت ذاته على المستهلكين أن يتمتعوا بوعي كافٍ، للإحجام عن شراء السلع المبالغ في أسعارها، واختيار الأوقات المناسبة للشراء».