«ستاندرد آند بورز»: خمسة محركات رئيسية تعزز تنامي أسواق المال في الإمارات
حددت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية، خمسة محركات رئيسية لتطور أسواق المال في الدولة خلال السنوات الست المقبلة وحتى العام 2020، أبرزها مشروعات إكسبو 2020 والطلب القوي على إصدار السندات والصكوك.وتُشكل هذه المحركات مجتمعة قوة تحفيزية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، ليس فقط لدبي، بل لعموم المنطقة.وأشارت الوكالة إلى أن عملية التطوير تحتاج إلى تدخل مشابه لتدخل الحكومات الآسيوية في تسعينات القرن الماضي للتأثير على التغيير المادي الإيجابي على المدى الطويل.بحسب جريدة البيان
وفي أعقاب الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997، حيث وفرت هذه الإجراءات مقياساً خالياً من المخاطر، ومنحنى عائداً سيادياً، وبديلاً استثمارياً.وقاد تطوير أسواق الدخل الثابت لاحقاً إلى قطاعات مالية أكثر مرونة وأكثر استقراراً في مختلف أنحاء المنطقة، ما أتاح وصول المقرضين المؤسسين إلى أسواق رأس المال، وأسهم في تنويع مصادر تمويلها وجذب الاستثمارات الأجنبية، ولفتت الوكالة إلى أن هذه الإجراءات تُعتبر نموذجاً يحتذى به في جميع الأسواق الناشئة.
إكسبو 2020
واعتبر ستيوارت أندرسون المدير العام والمدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في وكالة ستاندرد آند بورز لـ«البيان الاقتصادي»، استضافة معرض إكسبو 2020، إحدى هذه القوى المحفزة على تطوير أسواق المال المحلية.
وأوضح أنه رغم بقاء ست سنوات تفصل عن انطلاق معرض «إكسبو 2020»، إلا أنه بدأ بالفعل يحفّز النشاط الاقتصادي المتنامي في إمارة دبي، ودلل على ذلك بإشارته إلى أنه يمكن لأي شخص يعيش ويعمل في دبي أن يلاحظ هذا النمو بكل وضوح.
حيث تساعد استثمارات البنية التحتية قبيـــل انطلاق معرض «إكسبو 2020» على تعزيز مكانة دبي الاقتصادية المميزة كمركز تجاري إقليــمي ووجهة جاذبة لرأس المال الإقليمي.
وأضاف قائلاً: «يجب أن يضيف معرض «إكسبو 2020» تراثاً اجتماعياً واقتصادياً لدبي مع بنية تحتية موسعة، وفرص عمل جديدة، فضلاً عن تعزيز مكانة دبي وسمعتها على المستوى العالمي.
وقد بدأ المعرض يجذب تمويلاً محدوداً من أسواق رأس المال. ولن يكون معرض «إكسبو 2020»، أو قوى السوق الأخرى وحدها، عوامل كافية لضمان التنمية المستدامة لأسواق رأس المال المحلية دون التدخل بشكل كبير.
وقد يكون معرض «إكسبو 2020» عاملاً مهماً للنمو السريع في مختلف أنحاء دولة الإمارات، لكن دفع عجلة الإصلاح في فتح أسواق رأس المال المحلية – التي تم تشكيلها بالطريقة نفسها وعلى الحجم نفسه الذي قامت آسيا بتطويره في أسواق رأس المال الخاصة بها – ستكون محفزاً أكبر للنمو الاقتصادي المستدام، ليس فقط لدبي، بل لعموم المنطقة».
ولكن، في الجانب المقابل، رأى ستيوارت أنه من غير المرجح أن يكون معرض «إكسبو 2020» مسؤولاً لوحده عن دفع عجلة التطور المطلوب بشكلٍ كبير على مستوى سوق رأس المال المحلي.
وأوضح أنه رغم أن الإنفاق الإضافي على المشاريع والمبادرات الجيدة المخصصة لخدمة النمو الكبير المتوقع في أعداد الزوار، قد يتطلب إصدار سندات جديدة عالية الإيرادات، لكن من غير المتوقع أن يلعب معرض «إكسبو» دوراً أساسياً في تحول أسواق رأس المال المحلية.
وأضاف قائلاً: «على الرغم من توافر تمويل محدود من أسواق رأس المال، لن يكون معرض «إكسبو» المحرك الأساسي لأسواق السندات خلال العامين المقبلين».
الانسجام مع القوانين
وتناول ستيوارت المحركات الأربعة الأخرى لتطوير أسواق المال المحلية، مشيراً إلى أن هذه العناصر ستلعب دوراً رئيسياً في تحفيز أسواق رأس المال المحلية على المدى القصير حتى عام 2020.
محدداً القوانين التنظيمية الدولية، باعتبارها العنصر الأول الرئيسي المحفز على عملية التطوير، وأوضح أنه يمكن أن يسهم تطبيق اتفاقية «بازل 3» في تخفيض مشاركة المؤسسات المالية الأوروبية في القروض طويلة المدى في دول مجلس التعاون الخليجي.
مشيراً إلى أنه في ظل الانسحاب الواسع للبنوك الأوروبية من تمويل المشاريع الإقليمية في أعقاب الأزمة المالية، فإنه من المتوقع أن يأتي جزء كبير من تمويل البنية التحتية المطلوب عبر إصدار ســندات المشاريع، حيث سيوفر ذلك فرصاً جديدة لنمو أسواق الدين المحلية.
إصدارات السندات والصكوك
واعتبر ستيوارت الطلب المتجدد والقوي من قبل المستثمرين على السندات الخليجية، بمثابة القوة المحفزة الثانية على تطوير أسواق رأس المال، وأوضح أن النمو الاقتصادي المتواصل والأسس القوية يؤديان إلى نشوء طلب من قبل المستثمرين الإقليميين والدوليين على إصدارات السندات التي توفرها دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك دولة الإمارات.
مشيراً إلى طلب المستثمرين القوي قد أتاح لمصدري السندات الاستثمار في الأسواق العالمية إمكانية الحصول على قروض قياسية منخفضة الفائدة وتمديد تواريخ استحقاق الديون.
ولفت إلى أن السياسات النقدية الميسّرة التي تطبقها البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم كانت عاملاً مساعداً في خفض معدلات الفائدة منخفضة، ما قاد إلى انخفاض العوائد على إصدارات الصكوك إلى مستويات قياسية.
الدعم الحكومي
وتطرق ستيوارت إلى القوة المحفزة الثالثة لتطوير أسواق رأس المال المحلية، وهي الدعم الحكومي القوي لنمو التمويل الإسلامي، وأوضح أن هذا الدعم سيشكل عاملاً مساعداً مهماً في دفع نمو سوق رأس مال الدين في دولة الإمارات، معتبراً خطط حكومة دبي لتأسيس مركز عالمي للخدمات المالية الإسلامية، بأنها تأتي في إطار الاستجابة لطلب المستثمرين الباحثين عن إصدارات صكوك من مصدرين عاليي الجودة في دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك دولة الإمارات.
الحلول التمويلية
واعتبر ستيوارت انتشار حلول تمويل أكثر ابتكاراً على نطاق واسع في المنطقة بمثابة قوة رابعة محفزة على تطوير أسواق المال في الإمارات، مشيراً إلى أن هناك مجموعة من المؤسسات الإماراتية، قد بدأت في إطلاق المزيد من الحلول التمويلية المبتكرة.
ودلل على ذلك بإشاراته إلى قيام مجموعة ماجد الفطيم القابضة، بإصدار سندات مالية هجينة، يعد مثالاً على الحلول الأكثر ابتكاراً التي تقوم الشركات المحلية بتطبيقها من أجل تنويع منتجاتها التمويلية بكفاءة أكبر.
تنويع التمويل المؤسسي
وحدد ستيوارت تنويع التمويل المؤسسي بمثابة القوة الخامسة المحفزة على تطوير أسواق المال في الدولة، شارحاً أبعاد هذه القوة المحفزة، بقوله: في مختلف أنحاء المنطقة، لا يزال الاعتماد بشكل مفرط على الإقراض قصير المدى وغير المدعوم من البنوك يشكل خطراً كبيراً.
وفي ظل التحسّن الذي شهدته الحوكمة المؤسسية، إلى جانب تبني ممارسات إدارة مالية عالمية المستوى، باتت الشركات المحلية تدرك على نحوٍ أكبر هذه المخاطر، وتتحقق من تنويع تمويلها من خلال الاستثمار في أسواق السندات.
جاذبية الدين
عززت الفروق الضيقة بين عائدات السندات من جاذبية الدين بالنسبة للمصدرين المحتملين. ورغم أن هذا التمويل قد يكون أكثر تكلفة من القروض قصيرة المدى التي لا تلتزم بها البنوك، إلا أن عدداً أكبر من المديرين الماليين التنفيذيين يقدمون رؤية استراتيجية لقاعدتهم التمويلية.
تدخل حكومي يقتدي بالتجربة الآسيوية
أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية أن عوامل التحفيز ستلعب من دون شك دوراً مهماً في دعم النمو والتطور المطلوب على مستوى أسواق رأس المال المحلية خلال الأعوام الستة المقبلة.
لكنها لن توفر لوحدها «حلاً سحرياً» لتنمية أسواق رأس المال المحلية، ولن تكون كافية أيضاً لضمان نموها المستدام على المدى الطويل.
وسيتطلب ذلك تدخلاً معيناً. مشيرة إلى أن السلطات المالية والنقدية الإماراتية حققت تقدماً مشجعاً من خلال التدخل المباشر لتعزيز نمو أسواق السندات المحلية.
والدليل على ذلك، إعلان المصرف المركزي، في نوفمبر الماضي، عن إجراء تعديل على لوائحه المصرفية، حيث قام بوضع سقف لحدود تركيز الائتمان الذي تستطيع البنوك المحلية تمريره إلى الحكومات المحلية والكيانات المرتبطة بها. حيث تم تحديد سقف هذه القروض حالياً بـ100 % من قاعدة رأس مال البنك المقرض.
كما أن التطبيق والمراقبة الصارمة لهذه القوانين، من شأنه أن يدعم نمو أسواق رأس مال الدين، بما أنها ستساعد عدداً من الكيانات المرتبطة بالحكومات التي تتطلع نحو سوق السندات التقليدية والصكوك للحصول على التمويل أو إعادة التمويل في المستقبل.
دور رئيسي
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يلعب التدخل الموجه من خلال طرح صناديق التقاعد الإلزامية للعمالة الوافدة إلى الدولة، دوراً رئيسياً آخر في نمو وتطوير أسواق الدين المحلية على المدى الطويل.
ولن يكون طرح رأس المال مصدراً مهماً فحسب لتمويل أسواق السندات المحلية، بما أن صناديق التقاعد تأخذ بعين الاعتبار إعادة التخصيص بعيداً عن الأسهم.
والأهم من ذلك أن تطوير برامج تقاعد إلزامية التمويل كفيل بتوفير السيولة الإضافية – والمطلوبة بشدة – في الأسواق. وسبق تطبيق هذه المبادرة بنجاح في سنغافورة على سبيل المثال».
وعلى الرغم من الإسهامات المهمة لهذه العوامل في النمو والتطور المتوقع لأسواق رأس مال الدين في المنطقة إلا أنها ستتطلب تدخلاً مشابهاً لتدخل الحكومات الآسيوية في تسعينات القرن الماضي للتأثير على التغيير المادي الإيجابي على المدى الطويل، وفي أعقاب الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997،
واتخذت الحكومات الآسيوية خطوات مدروسة لتعزيز أسواق السندات فيها، وحتى الحكومات التي تحظى بفائض نقدي تنظيمي، مثل هونغ كونغ وسنغافورة، قامت بتوسيع إصداراتها السيادية بقوة.