صندوق النقد: رؤوس الأموال ستخرج من الاقتصادات الضعيفة عالمياً.. فاستعدوا للأسوأ
ثمة توجه لرفع أسعار الفائدة على المستوى العالمي، لكن لم يعرف بعد متى سيكون ذلك ومدى سرعته وإلى أي مدى ستتم الزيادة. لكن يعرف الجميع أن هناك توجها برفع أسعار الفائدة بعد فترة طويلة من انخفاضها لدرجة قياسية في أعقاب الأزمة المالية العالمية.فهناك بعض البنوك المركزية وبشكل أساسي الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وبنك انجلترا يخططان إلى جعلها عادية «تطبيعها» كما كانت في السابق، من خلال تشديد السياسات النقدية السهلة تدريجيا بعد ان شهدا اقتصادهما تحسنا.بحسب جريدة الانباء
وسيتبع ارتفاع أسعار الفائدة في كل منهما صعودها في بلدان أخرى في أنحاء العالم. لذلك يطرح تساؤل هنا: هل ينبغي علينا أن نقلق حال تشديد السياسيات المالية عالميا؟
للإجابة عن السؤال، يفترض النظر إلى عاملين لمعرفة إلى ماذا وما يجب النظر إليه عند بدء تطبيع أسعار الفائدة، وهما:
الأول: ما يجري في بلدان التي سترفع الفائدة، وذلك من خلال النظر الى الدوافع الكامنة مثل ارتفاع العوائد، أو من خلال النظر الى النمو القوي على سبيل المثال ايضا في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
الثاني: ما يجري في البلدان المتسلمة (التي ستتأثر بالفائدة)، ومدى تعرضها للخطر في حال ارتفاع تكاليف الاقتراض.
في الواقع، ان كلا العاملين له آثار غير مباشرة كالتالي:
الآثار غير المباشرة الإيجابية
إن معدلات الفائدة المرتفعة وانتهاء الحوافز النقدية في دول الاقتصاديات المتقدمة بقيادة قوة نمو اقتصادياتها سيصاحبها «صدمة الأسواق الحقيقية» ينتج عنها الآثار غير المباشرة الجيدة.
فأسعار الفائدة قد تميل إلى الارتفاع في مناطق أخرى حول العالم، ولكن سيتم رفعها من خلال المد المتصاعد للنشاط الاقتصادي سواء بالداخل وبالخارج.بالإضافة إلى تطور آخر إيجابي وهو أن التدفقات التجارية ورؤوس الأموال ستصبح أقوى وأكثر تعزيزا.
الآثار غير المباشرة السلبية
من ناحية أخرى عندما تتحرك أسعار الفائدة بشكل أسرع مما هو مقترح من قبل الاقتصاد الحقيقي بما يعرف (بصدمات النقد)، فقد تبدو الأمور مختلفة تماما حيث ان أسعار الفائدة في البلدان الأخرى قد تميل إلى الارتفاع بوتيرة أكثر حدة من تشديد سياسيات السيولة في المراكز المالية الرئيسية. مما سيؤدي إلى خروج رؤوس الأموال إلى الخارج، وخاصة من دول الاقتصاديات الناشئة الضعيفة كما ستنخفض الأنشطة الأجنبية وهنا ستكون الآثار غير المباشرة سلبية.
النموذج الأميركي
وبعيد عن ذلك، واذا تم الأخذ بالنموذج الأميركي لمرفعة كيف تأثرت الأسواق بعد ارتفاع العوائد طويلة الأجل في الولايات المتحدة منذ تقليص برنامج التيسير الكمي قبل العام.
فبالنظر إلى ما حدث خلال الصيف الماضي لم يحدث تقلبات كبيرة في السوق بينما ارتفعت قيمة الأصول، مما عزا بالاحتياطي الفيدرالي الى تقليص مشترياتها من السندات (برنامج التيسير الكمي) بمنزلة صدمة نقدية أو مفاجأة إلى الأسواق (انظر الرسم البياني المرفق). وللتغلب على هذه نقطة كان هناك توجه بالانتقال بأسعار الفائدة لأعلى وبسرعة، وأعقب ذلك تشوش للسوق كنتيجة لذلك، مما أدى إلى شعور بالآثار السلبية الغير مباشرة في جميع أنحاء العالم.
وتكمن المشكلة في ان البنك المركزي قد لا يكون أمامه الكثير من الخيارات، لكن السؤال هنا: فاذا لو كان هناك توقعات بارتفاع المخاطر، فقد يكون هناك حاجة الى تصحيح المسار.
ولكن جميع خطابات الاحتياطي الفيدرالي واضحة وهي المضي قدما في تخفيف برنامجه، لتترك من ورائها نقطة انطلاق غير تقليدية وهي عبارة عن أسعار الفائدة منخفضة وميزانية عمومية كبيرة، لتجعل البنوك المركزية الكبرى تواجه تحديات معقدة عندما يتعلق الأمر بتطبيع أسعار الفائدة بسلاسة.
فإذا انتعشت الأسواق قبلهم، فان مخاوف الاستقرار المالي قد تتطلب ارتفاع أسعار الفائدة حتى لو كان النمو غير قوي.
آثار غير مباشرة أخرى
فعلى الطرف الآخر فإن الدول التي ستلحق بأي ارتفاع في الفائدة في الدول الاقتصادية الكبرى، فإن الآثار غير المباشرة من ارتفاع أسعار الفائدة تعتمد أيضا على العوامل المحلية. فخلال مايو 2013 عند البدء في تقليص التيسير الكمي لم تكن الآثار الغير المباشرة متشابهة.
فآثارها اختلفت بين الاقتصاديات الناشئة التي تعتمد على سياساتها المحلية، لاسيما، تلك التي تعاني من عجز خارجي أو احتياطيات قليلة، وارتفاع معدلات التضخم أو ضعف النمو الذي كان بمنزلة الضربة الأقوى او ان ارتفعت أسعار الفائدة أو انخفضت عملاتها أكثر.
علاوة على ذلك، فإن تفاعل المخاطر قد يعيد التقييم الائتماني لتلك الاقتصاديات ذات الأسس الضعيفة في ظل سياق ارتفاع أسعار الفائدة وتشديد السياسات المالية. وبالتالي، فإن الاقتصاديات الأكثر عرضة على طول هذه الخطوط هي محل للمشاهدة قبل المضي قدما.
الخلاصة
لكن خلاصة ذلك، يجدر القول انه لا يجب ان نقلق بشأن ارتفاع أسعار الفائدة لو ان النمو القوي للاقتصاد هو السبب. ويجب ان نرحب بها أكثر باستبدالها باسعار الفائدة المنخفضة والنمو المنخفض. ومع ذلك فإن المضي قدما في رفع أسعار الفائدة صعب.
ويتوقف الكثير منه على طريقة إدارة عملية التطبيع. فكيف يمكننا الانتقال بسلاسة على طول الطريق للوصول إلى أسعار فائدة ونمو مرتفع؟ فبالنظر في توجهات السوق خلال الآونة الأخيرة، قد يكون هناك المزيد من المطبات على طول هذا الطريق. فيجب توخي الحذر.